الكتاب الأبيض ينفع في اليوم الأسود
الأربعاء / 25 / شوال / 1441 هـ - 19:30 - الأربعاء 17 يونيو 2020 19:30
الصين بلد له مكانته وإرثه وحضارته الضاربة في عمق التاريخ بآلاف السنين، وإذا ما تحدثنا عن الشعب الصيني الذي يقارب تعداده المليار ونصف المليار نسمة، يتضح مدى صلابة هذا الشعب وإنتاجه، وقدرته على حماية مقدراته وصناعاته ومقوماته، وسور الصين العظيم والطب الصيني المتوارث إلى يومنا الحاضر خير شاهد ودليل على تلك الحضارة وذلك الإبداع، ومنذ أن حسم الشيوعيون النزاعات المناطقية والصراعات العرقية، تمكنوا من إدارة شؤون البر الصيني أو ما يطلق عليه القارة الصينية، وأسسوا جمهورية الصين الشعبية، وتم إعلان ذلك في 1 أكتوبر 1949.
حين تبلور مفهوم الدولة المستقلة سعت الصين إلى إدخال الإصلاحات الاقتصادية، وأصبحت أسرع اقتصادات العالم نموا، كأكبر دولة مصدرة وثاني أكبر مستورد للبضائع عالميا. ويعد الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وتمتلك الصين أقوى وأكبر ترسانة عسكرية، حيث يرى عدد من السياسيين والمحللين والاقتصاديين أنها القوة العظمى القادمة في العصر الحالي الذي يطلق عليه العصر المعرفي، فمن يمتلك المعرفة يمتلك القوة.
كل تلك المؤشرات ترسم لنا معالم القوة المعرفية التي تمتلكها الصين، ومن هذا المنطلق شرعت إلى توثيق جميع تطوراتها وتطويراتها الفكرية، التي تحولت من اللا ملموس كمعرفة إلى الملموس كمنتجات، تقوم على الاقتصاد المعرفي، من صناعات واختراعات وثروات تتحقق بسبب المعرفة على كل الأصعدة ضمن إصدارات مرحلية متعاقبة للنجاحات، أدرجتها في كتب وأطلقت على كل مرحلة «الكتاب الأبيض».
تتبعت مواضيع الكتب البيضاء التي يتولى كل شؤونها مكتب الإعلام لمجلس الدولة الصيني، ويوليه الأهمية القصوى من أعلى الهرم التنظيمي والسياسي للدولة، للتعريف بما يحاكي الواقع والمأمول لمستقبل الصين، وهي تحمل العديد من البنود الحساسة التي تظهر توجهات الدولة نحو شعبها، وتعاملاتها مع شعوب العالم.
ومن الإصدارات الأولى لبدايات الكتاب الأبيض عنوان «الإسلام ليس المعتقد الوحيد للإيغور»، والذي ناقش دور الدولة في التعامل مع المسلمين وغير المسلمين تحت مظلة وطنية واحدة سياسية واجتماعية عادلة، وأن القومية الإيغورية جزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي للصين، وتبعه صدور الكتاب الأبيض بعنوان «الإصلاح القضائي»، للحفاظ على العدالة الاجتماعية والحكم العادل وحماية حقوق الإنسان.
وصدر كتاب آخر بعنوان «المساواة والمشاركة والتشارك»، الذي يوضح جهود الدولة نحو المعاقين، وصيانة وحفظ حقوقهم الإنسانية والوطنية على مدار 70 عاما، وصدر بعده الكتاب الأبيض «استراتيجية الدفاع الوطني الصيني في العصر الجديد»، والذي أكد حماية الصين من المطامع والدوافع الخارجية، وتعظيم الدور العسكري والدفاعي من خلال التنافس العسكري بين قوى الشرق المتمثل في الصين، وقوى الغرب المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية.
وصدر أيضا الكتاب الأبيض «قطاع النقل والمواصلات» الذي يستعرض التطورات المتسارعة، من رسم للطرق وشبكات القطارات والمطارات والسكك الحديدية والطرق العامة، وصولا إلى الأرياف والموانئ الساحلية والملاحية، والتي تغطي الدولة لتحتل بذلك المركز الأول عالميا. وكذلك الكتاب الأبيض الذي يتحدث عن «الفضاء الصيني لعام 16»، والذي يعتبر نقلة نوعية وفكرية فريدة ليصوغ التطلعات الصينية الخمسية في مجال الفضاء، والذي صادف تاريخ 24 أبريل 2016 ليوم الفضاء الصيني، وتنمية المشاريع الابتكارية للاكتشافات الفضائية، وتحسين السياسات الدولية والتبادل الفكري والمعرفي في مجال الفضاء.
وفي يونيو 2020 صدر الكتاب الأبيض الذي عدوه بصيص النور لهذه الفترة المظلمة، وحمل عنوان «محاربة كوفيد 19: عمل الصين»، والذي يتكون من أربعة فصول حول جهود الصين للوقاية والسيطرة والعلاج في المعركة ضد الفيروس، إضافة إلى الجهود المبذولة على المستوى العالمي في التعاون الدولي، حيث أوضحت الصين سرعة استجابتها بتعميم وسائل السيطرة والعلاج للحد من انتشار فيروس كورونا، كما سلط الكتاب الضوء على سلاح العلوم والتكنولوجيا البيولوجية لمكافحة الأوبئة، وكيف حققت نسبة استشفاء 94%، وعدم تسجيل حالات وفاة أخيرا.
من خلال هذا الاستعراض التاريخي لأبرز المواضيع والإنجازات للصين وموقفها الأخير، أرى أنها تسعى إلى نشر السلوك الإنساني لحماية شعبها أولا ومن ثم شعوب العالم، لتعزيز النظرة الاستراتيجية الدولية، ووعيها بأهمية التواصل والانفتاح بنقل المعرفة الطبية، في ظل التخلي البارز من دول الغرب تجاه شعوبها، وما اتضح من ضعف وهشاشة الجانب الصحي والطبي والتقشف المالي والجور المجتمعي لتغطية المتطلبات المعيشية، وإشاعة روح التفريق والكراهية العنصرية والتخلي في ظل جائحة كورونا.
هل التجارب التطويرية والإنجازات المتواترة تعكس الصفحات البيضاء في ظل الأزمات السوداء؟
@Yos123Omar
حين تبلور مفهوم الدولة المستقلة سعت الصين إلى إدخال الإصلاحات الاقتصادية، وأصبحت أسرع اقتصادات العالم نموا، كأكبر دولة مصدرة وثاني أكبر مستورد للبضائع عالميا. ويعد الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وتمتلك الصين أقوى وأكبر ترسانة عسكرية، حيث يرى عدد من السياسيين والمحللين والاقتصاديين أنها القوة العظمى القادمة في العصر الحالي الذي يطلق عليه العصر المعرفي، فمن يمتلك المعرفة يمتلك القوة.
كل تلك المؤشرات ترسم لنا معالم القوة المعرفية التي تمتلكها الصين، ومن هذا المنطلق شرعت إلى توثيق جميع تطوراتها وتطويراتها الفكرية، التي تحولت من اللا ملموس كمعرفة إلى الملموس كمنتجات، تقوم على الاقتصاد المعرفي، من صناعات واختراعات وثروات تتحقق بسبب المعرفة على كل الأصعدة ضمن إصدارات مرحلية متعاقبة للنجاحات، أدرجتها في كتب وأطلقت على كل مرحلة «الكتاب الأبيض».
تتبعت مواضيع الكتب البيضاء التي يتولى كل شؤونها مكتب الإعلام لمجلس الدولة الصيني، ويوليه الأهمية القصوى من أعلى الهرم التنظيمي والسياسي للدولة، للتعريف بما يحاكي الواقع والمأمول لمستقبل الصين، وهي تحمل العديد من البنود الحساسة التي تظهر توجهات الدولة نحو شعبها، وتعاملاتها مع شعوب العالم.
ومن الإصدارات الأولى لبدايات الكتاب الأبيض عنوان «الإسلام ليس المعتقد الوحيد للإيغور»، والذي ناقش دور الدولة في التعامل مع المسلمين وغير المسلمين تحت مظلة وطنية واحدة سياسية واجتماعية عادلة، وأن القومية الإيغورية جزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي للصين، وتبعه صدور الكتاب الأبيض بعنوان «الإصلاح القضائي»، للحفاظ على العدالة الاجتماعية والحكم العادل وحماية حقوق الإنسان.
وصدر كتاب آخر بعنوان «المساواة والمشاركة والتشارك»، الذي يوضح جهود الدولة نحو المعاقين، وصيانة وحفظ حقوقهم الإنسانية والوطنية على مدار 70 عاما، وصدر بعده الكتاب الأبيض «استراتيجية الدفاع الوطني الصيني في العصر الجديد»، والذي أكد حماية الصين من المطامع والدوافع الخارجية، وتعظيم الدور العسكري والدفاعي من خلال التنافس العسكري بين قوى الشرق المتمثل في الصين، وقوى الغرب المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية.
وصدر أيضا الكتاب الأبيض «قطاع النقل والمواصلات» الذي يستعرض التطورات المتسارعة، من رسم للطرق وشبكات القطارات والمطارات والسكك الحديدية والطرق العامة، وصولا إلى الأرياف والموانئ الساحلية والملاحية، والتي تغطي الدولة لتحتل بذلك المركز الأول عالميا. وكذلك الكتاب الأبيض الذي يتحدث عن «الفضاء الصيني لعام 16»، والذي يعتبر نقلة نوعية وفكرية فريدة ليصوغ التطلعات الصينية الخمسية في مجال الفضاء، والذي صادف تاريخ 24 أبريل 2016 ليوم الفضاء الصيني، وتنمية المشاريع الابتكارية للاكتشافات الفضائية، وتحسين السياسات الدولية والتبادل الفكري والمعرفي في مجال الفضاء.
وفي يونيو 2020 صدر الكتاب الأبيض الذي عدوه بصيص النور لهذه الفترة المظلمة، وحمل عنوان «محاربة كوفيد 19: عمل الصين»، والذي يتكون من أربعة فصول حول جهود الصين للوقاية والسيطرة والعلاج في المعركة ضد الفيروس، إضافة إلى الجهود المبذولة على المستوى العالمي في التعاون الدولي، حيث أوضحت الصين سرعة استجابتها بتعميم وسائل السيطرة والعلاج للحد من انتشار فيروس كورونا، كما سلط الكتاب الضوء على سلاح العلوم والتكنولوجيا البيولوجية لمكافحة الأوبئة، وكيف حققت نسبة استشفاء 94%، وعدم تسجيل حالات وفاة أخيرا.
من خلال هذا الاستعراض التاريخي لأبرز المواضيع والإنجازات للصين وموقفها الأخير، أرى أنها تسعى إلى نشر السلوك الإنساني لحماية شعبها أولا ومن ثم شعوب العالم، لتعزيز النظرة الاستراتيجية الدولية، ووعيها بأهمية التواصل والانفتاح بنقل المعرفة الطبية، في ظل التخلي البارز من دول الغرب تجاه شعوبها، وما اتضح من ضعف وهشاشة الجانب الصحي والطبي والتقشف المالي والجور المجتمعي لتغطية المتطلبات المعيشية، وإشاعة روح التفريق والكراهية العنصرية والتخلي في ظل جائحة كورونا.
هل التجارب التطويرية والإنجازات المتواترة تعكس الصفحات البيضاء في ظل الأزمات السوداء؟
@Yos123Omar