الرأي

النفط السعودي وقوة التأثير

برجس حمود البرجس
القدرة الإنتاجية للنفط والمنتجات البترولية المستخدمة كوقود للسيارات والشاحنات والقطارات والناقلات البحرية والطائرات يصل يوميا إلى 100 مليون برميل يوميا بحسبة شبه دقيقة.

وتبلغ قيمة مبيعات هذا النفط نحو تريليونين و200 مليار دولار سنويا عندما يكون سعر النفط 60 دولارا - كمثال.

تأتي المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا كأكبر منتجي النفط بين دول العالم، حيث يمثل إنتاج هذه الدول الثلاث أكثر من 40% من الإنتاج العالمي.

سياسة النفط السعودي تدار بحكمة وقوة إدارية، وجود النفط نعمة من رب العالمين رزقها بلدنا وأنعم علينا بسهولة استخراجه من حيث التكلفة، وهذا شيء تفتقده تقريبا جميع الدول الأخرى، ويأتي دور حكمة وسياسة إدارة النفط من قبل قيادة المملكة ومن المجالس العليا لإدارة النفط وأعمال الشركة المشغلة - أرامكو السعودية، حيث الهدف الأول هو استقرار الأسواق النفطية العالمية وتوازن العرض من الطلب وحماية حقوق المنتجين والمصدرين والمستهلكين في جميع دول العالم. لم يكن الهدف حماية مصالح المملكة فقط، بل مصالح جميع المنتجين والمصدرين والمستهلكين، وبذلك لا يمكن أن تختزل قيمة النفط السعودي بقيمته.

النفط السعودي لا يمكن أن يختزل بأسعار عالمية تتأرجح إيجابا وسلبا لأسباب اقتصادية وسياسية وخلافات بين دول كبيرة وغيرها، النفط السعودي يعني الكثير للمستوردين، ربما أفضل وصف له يكمن في تصور أنه في أي لحظة أو دقيقة من أي يوم في أي سنة هناك أكثر من 150 ناقلة بحرية عملاقة VLCC تبحر في المحيطات وعلى متنها أكثر من ربع مليار برميل نفط سعودي متجهة للمستوردين في شرق آسيا وأوروبا وأمريكا، وفي اللحظة نفسها يقابلها 150 ناقلة بحرية عملاقة أخرى في طريق العودة للسعودية بعد ما أوصلت النفط السعودي إلى تلك القارات راجعة لتحمل حمولات أخرى.

مع أن النفط السعودي يطبق ويستخدم أفضل المعايير في معامله وأعماله ومع التعاقد مع أفضل وأقوى الشركات العالمية للحفر والصيانة وبقية الأعمال، إلا أنه يتميز بانخفاض تكلفة الإنتاج، وتعتبر هذه التكلفة معيارا ومقياسا لشركات النفط العالمية، حيث يتم تحديد أسسه لتطوير أعمالهم ورفع كفاءة التشغيل والقياس مقارنة بتكاليف النفط السعودي كـ benchmark.

تنفق المملكة على النفط في أعماله التشغيلية والرأسمالية ميزانيات نصفها تقريبا ينفق على تجديد الآبار وتنشيط مكامنها وعمل الاحتياطيات، بالإضافة إلى اكتشافات جديدة لمكامن نفط وأماكن إضافية تعادل على الأقل كمية النفط المنتج لتبقي المخزون تحت الأرض عند مستوى 262-265 مليار برميل. جميع هذه الأعمال تعطي النفط السعودي تميزا يجعل منها الأكثر موثوقية في العالم، ويجذب كبار العملاء سواء الشركات العملاقة - عادة الشركات الغربية - والدول المستوردة وعلى رأسها الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية.

سياسة بيع النفط السعودي تعطيه موثوقية وأريحية كبيرة، حيث يتعامل مع ثلاث قنوات رئيسية، الأولى تصدير 25% إلى 30% تقريبا من النفط إلى معامل تمتلك شركة أرامكو السعودية حصة فيها، ومن شروط التعاقد أن يكون النفط المستخدم في تلك المعامل من النفط السعودي، فهذا يضمن بيع 30% على الأقل من النفط السعودي دون أي مجهود، بينما العميل يراه مكسبا.

القناة الثانية هي تعاقدات مع دول مستوردة - الأربع التي ذكرناها أعلاه - وهذا لمصلحة المستورد لضمان إمدادات موثوقة من المملكة ومكسب للمملكة أيضا، حيث يكون تعاملات على مستوى متميز، أما القناة الثالثة للبيع فهي التعامل مع شركات تكرير النفط العالمية مثل إكسون موبيل وشيفرون وشيل وغيرها، حيث تعتمد هذه الشركات على النفط السعودي كالأكثر موثوقية وتحرص على تأمين إمداداتها من خلاله.

شهدنا مؤخرا الأعين على النفط السعودي عندما يعتمد زيادة الإنتاج وعندما يعتمد خفضه أيضا، تجد مؤشرات النفط العالمية تخضرّ فرحا وتحمرّ حزنا، وبشهادة دول وموافقتها - بما فيها الولايات المتحدة وروسيا - جميعها قبلت بتوصيات المملكة لحماية مصالح المنتجين والمصدرين والمستوردين والمستهلكين.

العامل الرئيسي في ذلك هو حكمة وتوجيه وإدارة النفط السعودي من قبل قيادة هذا البلد - حفظهم الله - ومجالس النفط العليا والشركة التي تقوم على أعماله.

Barjasbh@