الرأي

جودة مراجعات الجودة

جبريل العريشي
هناك دائما مخاوف من عدم جودة نتائج مراجعات الجودة، وأحد أهم الأسباب التي تطرح في هذا الشأن عدم حياد مراجعي الجودة. فثمة من يرى أن المراجعين يتأثرون بنتائج عمليات المراجعة بحيث يمكن أن تترك لديهم شعورا سلبيا يجعلهم أكثر صرامة وجدية، أو شعورا إيجابيا يجعلهم أكثر تسامحا وتساهلا، وذلك عند إعادة المراجعة على المؤسسة نفسها أو عند المراجعة على مؤسسة أخرى. وهناك جوانب عديدة في هذا الشأن.

فإذا كانت نتائج المراجعة على مؤسسة ما ليست جيدة، بحيث كان هناك عدد كبير من حالات عدم المطابقة، فمن المرجح أن يتولد مشاعر سلبية لدى منسوبي المؤسسة تجاه المراجعين، نتيجة عدم رضاهم عن نتائج المراجعة، مما قد يؤدي إلى ظهور سلوكيات معادية منهم تجاه المراجعين عند إعادة المراجعة، الأمر الذي قد يجعلهم أكثر صرامة وتشددا.

كما أن التجربة السابقة للمراجعين في مؤسسة ما يمكن أن تشكل لديهم انطباعا أو تصورا عاما حول مدى جدية هذه المؤسسة في التعامل مع أمور الجودة، وهو ما قد يؤثر على المراجعات اللاحقة عليها، فالمراجعون ينظرون إلى عملية المراجعة على أنها ممارسة تعاونية بينهم وبين المؤسسة الخاضعة للمراجعة، تستهدف تحسين أدائها، ومن ثم فإنهم يرون أن امتثال المؤسسة لمعايير الجودة يعني أن أمور الجودة تؤخذ مأخذ الجد من قبل إدارتها، والعكس صحيح، وهو ما يؤثر على أسلوب مراجعاتهم اللاحقة على المؤسسة نفسها، فتكون أقل تشددا أو أكثر، بناء على ذلك.

بل قد تؤدي المراجعة على مؤسسة ما إلى تكوين انطباعات لدى المراجعين تمثل أساسا لأي مراجعة لاحقة على المؤسسات الأخرى المشابهة في القطاع نفسه. وهي انطباعات قد تؤدي إلى خلق تحيز مسبق - سلبي أو إيجابي - لدى المراجعين تجاه مؤسسات هذا القطاع، مما يدفعهم إلى التشدد أو التساهل.

ومن منظور آخر، ثمة من يرى أن عدد حالات عدم المطابقة تقل في المؤسسة إذا كانت هذه الحالات قليلة في المؤسسة التي سبقتها مباشرة في المراجعة، وذلك بسبب الأثر النفسي الإيجابي الذي تتركه المؤسسة السابقة لدى المراجع، والعكس صحيح. وهو ما يطلق عليه «أثر نتائج المراجعة السابقة».

بل إن سلوك المراجع لا يتشكل من خلال مدى امتثال المؤسسة التي زارها لمعايير الجودة فحسب، ولكنه يتأثر كذلك بدرجة التغير في هذا الامتثال عند إعادة المراجعة على هذه المؤسسة نفسها.

ومن ثم يتوقع أن يكون المراجع في حالة مزاجية جيدة إذا كانت زيارته لإعادة المراجعة قد انتهت بتحسن كبير في درجة امتثال المؤسسة لمعايير الجودة، وتنتقل هذه الحالة المزاجية معه عند قيامه بالمراجعة على المؤسسة التالية مباشرة، وهو ما قد يجعله أقل صرامة وأكثر انحيازا للتساهل.

ومن هنا يمكن القول إجمالا إنه كلما زاد امتثال المؤسسة لمعايير الجودة، أو زاد تحسن هذا الامتثال، قلت حالات عدم المطابقة التي ترصد في المؤسسة التالية لها مباشرة في عملية المراجعة.

jarishee@yahoo.com