الرأي

الرسوم والمدارس الأهلية

عبدالرحمن شاكر
أخذت المقالة الأولى «تساؤلات عن الرسوم الدراسية في المدارس الأهلية» صدى واسعا بين أولياء الأمور وملاك المدارس الأهلية، ولأن لغة الأرقام توضح بعض الأمور، وضعت استفتاء في تويتر يتضمن سؤلا واحدا «هل تعتقد أن على المدارس الأهلية رد (كل/جزء) من الرسوم الدراسية للفصل الدراسي الثاني لأولياء الأمور؟» فكانت الإجابات على النحو التالي:
  • 17.8 % على المدارس رد كامل الرسوم.
  • 60.5 % على المدارس رد 50% من رسوم الفصل الدراسي الثاني.
  • 21.7 % لا، ليس عليهم رد أية رسوم.
وقد شارك في الاستفتاء 709 مشاركين، ومن الإجابة أعتقد أن الغالبية العظمى من الردود كانت من أولياء الأمور.

وقد تواصل معي عديد من أولياء الأمور مؤيدين لما طرحته، وبعض ملاك المدارس الأهلية معترضين على أن ما كتبته قد لا يطابق الواقع، وبنظرة محايدة يجب أن أنقل لكم بكل شفافية رأي بعض ملاك المدارس الأهلية لإكساب الموضوع التوازن المطلوب.

وتتلخص ملاحظات بعض ملاك المدارس الأهلية على مقالتي السابقة في النقاط التالية:

01 إن موازنة المصاريف التشغيلية للمدرسة لم تأخذ في حسبانها وقوع كارثة كالتي حدثت – جائحة كوفيد 19 – وما ترتب عليها، وعليه فإنه لا يوجد لدينا فائض من النقد نستطيع الاستمرار في سداد المصاريف التشغيلية لنهاية العام الدراسي بسبب عدم سداد بعض أولياء الأمور للرسوم الدراسية للنصف الثاني.

وهنا أقول:

إن جزءا لا يتجزأ من أي قطاع أعمال هو إدارة المخاطر «Risk management»، وعليه فإن على أي قطاع أعمال اقتطاع جزء من أرباحه السنوية ووضعه كاحتياطي نقدي لمواجهة أي أخطار محتملة، وأي شركة ربحية عليها احتساب المصاريف الرئيسية التي تبقيها على قيد الحياة (إن جاز التعبير) لمدة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وذلك باحتساب المصاريف التشغيلية الأساسية للبقاء والاحتفاظ بالنقد المقابل لذلك. أي بعبارة أخرى الاحتفاظ بقرشك الأبيض لليوم الأسود. أما فيما يتعلق بعدم سداد بعض أولياء الأمور للرسوم الدراسية للنصف الثاني من العام الدراسي فسيتم التطرق إليه بتفصيل أكثر لاحقا.

02 تضمن مقالك السابق افتراضات لا تنطبق على نسبة كبيرة من المدارس وهي الملابس، والرحلات، المدرسية، والشنط، والأدوات، حيث إن غالبية المدارس لا تأخذ رسوما عليها وإن أخذت فإن الطالب قد تسلمها، وأوافقك فقط في مبلغ التغذية والمواصلات.

وهنا أقول:

ما ينطبق على مدرسة قد لا ينطبق على أخرى، وبالتالي فالمدارس التي أخذت رسوما إضافية كالمواصلات، والرحلات، والوجبات الغذائية، والفصول الإضافية، ودروس التقوية، والأنشطة اللامنهجية، وبرامج ما بعد اليوم الدراسي (After school activities) ولم يستفد منها الطالب فعليا بعد تطبيق المنع، فمن المنطق أن يطالب بها ولي الأمر إذا تم دفعها، أو خصمها من القسط المستحق عليه وسداد المتبقي.

03 مسألة الرواتب ودعم ساند حيث إن البوابة لم توافق على غالبية إن لم يكن كل المدارس التي رفعت طلب دعم ساند، كما أن مدارس البنين لا تستفيد إلا 2-4 % من الميزانية السنوية للمدرسة فيما لو انطبق عليها قرار ساند، بينما مدارس البنات قد تصل الاستفادة إلى 12% فقط، هذا لو تمت الموافقة على الطلب. أما تقليص الرواتب وفق المادة (41) التي أضيفت حديثا فالاستفادة منه في المدارس محدودة، حيث إن غالبية المدارس الأهلية لم تتوقف والمعلمون مستمرون في أعمالهم في التدريس عن بعد ومتابعة طلابهم.

وهنا أقول:

هذا تعميم أختلف معه، وبالطبع ما ينطبق على مدرسة لا ينطبق على أخرى، ويجب أن نفصل هنا بشفافية بين المعلمين وبين الكادر الإداري، وإن كانت نسبة رواتب الكادر الإداري قليلة من مجمل الرواتب، فقد ذكر بعض ملاك المدارس أنهم قدموا على برنامج ساند لموظفيهم الإداريين وحصلوا على الدعم المنشود، بل إن بعضهم قدم على برنامج ساند لمدرسيهم السعوديين وحصلوا عليه، وعليه فإن هذه النسب المذكورة في الملاحظة تعتمد على نسب السعودة في المدرسة، والتي تختلف من مدرسة إلى أخرى، وعليه فهناك تأثير نوعي وبشكل مباشر على المصاريف التشغيلية بالانخفاض وإن كانت قليلة.

وبالنسبة للمدارس التي أكملت عمليتها التعليمية «عن بُعد» حتى نهاية الفصل الدراسي فيحق لها الحصول على الرسوم الدراسية فقط، ولا يشمل هذا أي رسوم إضافية تحصلت عليها المدرسة، والتي ذكرتها في ردي على النقطة الثانية. وهنا أنوه إلى أن هناك عقدا قانونيا بين المدرسة وولي الأمر ويجب على الطرفين استيفاؤه بشكل كامل حتى لا يتعرض الطرفان لمشاكل قانونية بشكل أو بآخر، والمختصون في القانون قد يدلون بدلوهم في هذا الشأن.

أما المدارس التي لم تستكمل فيها العملية التعليمية عن طريق التعلم «عن بُعد» بشكل أو بآخر، فعليهم وزر عدم تطبيق بعض ما جاء في الاقتراحات المقدمة من وزارة الموارد البشرية من تخفيض للرواتب بما يتناسب مع ساعات العمل الفعلية، أو منح الموظفين إجازة تحتسب من إجازته السنوية، أو منحهم إجازة استثنائية حسب المادة 116، وعليه فيتم الرجوع إلى العقد لمعرفة استحقاق ولي الأمر لرد جزء من هذه الرسوم.

04 الكهرباء والصيانة والمياه والنظافة لا يزيد التوفير فيها في الشهرين اللذين توقفت الدراسة فيهما على 4% من الميزانية السنوية للمدرسة من واقع الميزانيات، حيث إن غالبية المدارس لديها عمال نظافة وصيانة وقد تستطيع المدارس المتعاقدة على النظافة والصيانة تعطيل التعاقدات، وهذه المدارس نسبتها قليلة في القطاع.

وهنا أقول:

ما كتبته سابقا يتطابق مع هذه الملاحظة، حيث إن بنود المصاريف التشغيلية تختلف نسبها من موازنة المدرسة من مدرسة إلى أخرى، ولكن المحصلة النهائية أن هناك توفيرا في المصاريف التشغيلية في هذا الشأن وهو ما ذكرته في مقالي السابق.

05 تأجيل المصاريف الحكومية والقروض لا يفيد في الربح والخسارة بل يوفر سيولة كما تعلم.

وهنا أقول:

هذا بالتحديد ما ذكرته في مقالي السابق، حيث ذكرت أن «تأجيل سداد قروض القطاع الخاص ساعد على تأجيل سداد المصاريف المالية – وليس إلغاءها/تخفيضها، وبالتالي سيؤثر إيجابا على التدفقات النقدية بالوفرة.

وقد لاحظت من بعض مداخلات ملاك المدارس، أنهم يشتكون من أن المصاريف التشغيلية والرأسمالية مرتفعة بشكل أو بآخر، لأن هذه الموازنات قد كانت معتمدة في تحديدها على أوضاع اقتصادية سابقة من حيث القوة الشرائية والقدرة المالية لأولياء الأمور، وبعض منهم لم يتحرك بالسرعة الكافية وخفض من معادلة التكلفة لتتماشى مع الوضع الجديد، وهنا أحثهم على التحرك السريع في مراجعة طريقة إدارتهم المالية، خاصة طريقة إدارة التدفقات النقدية وإعادة هيكلة للموازنة السنوية للمدرسة ورسم أولويات جوهرية تصب بالشكل الأساسي في النواحي التعليمية والبعد عن المصاريف الثانوية، ومراجعة العقود مع مقدمي الخدمات المختلفة وتغيرها لتصبح قصيرة الأجل، ووضع شروط قانونية تحمي فيها مصلحة المدرسة، أو الاكتفاء الذاتي لتخفيض التكاليف، حيث إن إدارة النواحي المالية للمدرسة ومن ضمنها إدارة التدفقات النقدية عامل جوهري على ربحية المدرسة، وبالتالي على العائد من الاستثمار.

وخلاصة القول: إن المدرسة التي لم تكمل العملية التعليمية، يجب أن تدرس بشكل أو بآخر تعويض ولي الأمر ولو بشكل جزئي، ويمكنها ترحيل جزء من المستحق لهذا الفصل الدراسي إلى العام الدراسي القادم، كما فعلت بعض المدارس فعليا، أما المدارس التي أكملت العملية التعليمية فعلى أولياء الأمور استكمال دفع الرسوم لها. وفي الحالتين يجب على المدارس الأهلية رد رسوم المواصلات، والرحلات، والوجبات الغذائية، والفصول الإضافية، ودروس التقوية، والأنشطة اللامنهجية، وبرامج ما بعد اليوم الدراسي (After school activities) والتي لم يستفد منها الطالب فعليا بعد تطبيق المنع.