الرأي

ليت حفريات تبوك تجمعنا صدفة!

تفاعل

‏قبل أيام قليلة وحين كانت تشير عقارب الساعة إلى الثانية ظهرا عرجت على السوبرماركت القريب، لكن واجهتني مشكلة، فقد كنت أرتدي أحد ثياب النوم جديدة الحياكة الذي تسلمته من محل الخياطة صبيحة نفس اليوم، وكم كنت أخشى على ثوبي العزيز من حاجز الحفريات الذي يتطلب منك أن تملك لياقة عالية حتى تتقمص دور الأمريكي كريستيان تايلور وهو يمارس الوثب الثلاثي، لكن الفرق بيني وبين كريستيان أني أرفع ثوبي ثم ‹›أعض طرفه بفمي›› ثم «واحد اثنين ثلاثة» ربما من شاهدني في قفز الشارع المصاب بداء الحفريات سيرشحني بدون تردد للتدريب لإحدى الدورات العسكرية.

وحين وصلت السوبرماركت شاهدت رفيق السفرات الخارجية ‹›أبا راكان» صاحب العلاقة غير الوطيدة مع الواتس اب، حيث كانت آخر مرة تواجهنا بها قبل أربع سنوات بسبب دراسته في الخارج وتغيير رقمه، ومن المصادفة العجيبة أننا تشاركنا ممارسة الوثب الثلاثي في قفز حفريات الشارع، وبعد إلحاح شديد قبل مني استضافته بالمنزل لنحتسي معا فنجال القهوة، وفي ذلك الموقف اتضحت لي لياقته البدنية العالية، لكن المضحك في الأمر ما حدث بعد الوثبة حيث وقعت من الكيس الذي يحمله ‹›صحيفة›› وحين استرقت النظر لقاع الحفريات شاهدت تلك الصحيفة المسكينة وعليها مانشيت ‹›نزاهة تصدر دليلا إرشاديا لخطط وبرامج مكافحة الفساد››! ابتسمت قليلا وتذكرت عشقي للأغاني الشعبية خاصة ‹›ليت الجروح قصاص››، وفي مساء ذات اليوم تأثرت كثيرا بمشهد أعده مشهد ميلودراما حين كانت امرأة تريد العبور من ذلك الحاجز، وحين عودتها سقط منها ‹›كيس البامبرز››، حينها تذكرت مشهد عادل إمام مع المعلمة ‹›من فضلك يا بهجت عايزه أديك سؤال في المنطق»، وحين رد عليها الزعيم بقوله ‹›السؤال لغير الله مذلة››.

في كثير من الأحيان نتلذذ بتعاسة الآخرين حتى لو شاهدنا ‹›عجوزا معدمة اكتست يدها بتجاعيد تبيع الحنا والمكسرات›› في بسطة، قد يحسدها عديم الإنسانية على تلك السعادة والقلب الذي يهب لأولادها الحب وكف يد الحاجة، فكم من راعية بسطة شعبية نجحت في تربية ابنها أن يكون ‹›رجلا››، وكم من صاحب منصب يتلذذ بتعقيد مصالح الآخرين لأن منصبه هو من جعله ‹›رجلا››.