الرأي

متجر قياس

تفاعل

أحمد حسن الأحمدي
«اختبار قياس للمقبلين على الزواج»، في البداية ظننت أن الأمر مجرد نكتة سمجة كمثيلاتها في هذه الأيام مما يحلو لأصحابها التندر بمعاناة المواطنين، ولكن يبدو أن الأمر داخل في الجد، باللعب على وتر تطوير المهارات والقدرات وتحقيق الاستدامة وغيرها من العبارات الرنانة لتبرير ما لا يستساغ قبوله.

الكوادر الأكاديمية يمكنها تحديد معايير وآليات قبول طلابها، والقطاعات الحكومية والخاصة أدرى بمعاييرها من مجموعة «المركز الوطني للقياس والتقويم».

ما الذي حققه قياس طيلة 15 عاما من تأسيسه (باستثناء ملايين الريالات التي جناها البعض وتكبدتها جيوب المواطنين)؟ فمخرجات التعليم لا تزال تداري عن سوءاتها ومعدلات البطالة في ازدياد ملحوظ والتنمية تسير ببطئها المعتاد، ومصدر الدخل الرئيسي كان وما زال منذ أربعين سنة هو النفط وتعقيدات الحياة في ازدياد و«قياس» هذا لا يعدو كونه فكرة فاشلة أثقلت كواهل الطلاب وذويهم وزادت من العقبات أمام كافة الطبقات في الالتحاق بالجامعات أو الحصول على وظيفة لا يتطلب أداؤها أسئلة كمية وتحصيلية بقدر ما يتطلب إخلاصا وجدية في العمل.

إلى متى سنظل رهينة هذه الإنجازات النظرية التي لا تمت للواقع العملي بصلة وتدور بنا في حلقة مفرغة لا مصلحة منها تسهم في إحداث تقدم ملموس على مستوى الأهداف التي وضعت من أجلها؟ التحسين المنشود في كافة القطاعات المستهدفة يجب أن ينبع من داخلها وليس من جهة خارجية تتبنى معايير نظرية لم يتم التحقق من مدى نجاحها وفعاليتها على مدى طويل، بل على العكس من ذلك فهي تتحول الآن إلى مسارات روتينية عقيمة ذات آثار عكسية فورية.

نحن لسنا بحاجة إلى «قياس» لتقييم مستو ى الطلاب، نحن بأمس الحاجة لإصلاح التعليم وأنظمته بشكل عام، لسنا بحاجة إلى «قياس» لتقييم مستوى الكفاءة الوظيفية بل إلى الاهتمام بتطوير أنظمة العمل والاعتناء ببرامج التدريب.

ختاما، لو أخضعنا «المركز الوطني للقياس والتقويم» لاختبار «قياس» حقيقي مستمد من واقع إنجازاته ماذا يا ترى ستكون النتيجة ولكن كـ«مقيس» هذه المرة بدلا من «قائس»؟