كنت أتناقش مع صديقي كيڤن حول أثر الوقت ودوره علينا فقال لي: حينما تُخزن الفواكه هي تصارع ذاتها كثيراً لتتبلور وتتحول بعد مرور الوقت إلى خمرة، وقال أيضاً حينما نضع البذرة داخل التربة الجيدة ونحافظ عليها ونسقيها بعد مضي الوقت الكافي ستصبح شجرة كبيرة جداً. هكذا أيضا الأفكار والقناعات بداخلنا تصارع ذاتها كثيراً حتى تتبلور إلى صورتها الأكمل في الأخير. وهكذا نحن أيضا، ‏حتى نصل لما نريد ونحقق أهدافنا وغاياتنا التي نسعى لها جاهدين ‏نحتاج إلى مجرد الوقت أحياناً.. و‏حتى تتكون المعرفة وتتبلور المفاهيم في أذهاننا بشكل أفضل ‏ونبدأ في التعايش معها ومناقشتها بشكل جيد نحتاج إلى مجرد الوقت أحياناً.. ‏حتى تتضح الأمور ونستطيع أن نستوعبها جيدا.. نحتاج إلى مجرد الوقت أحياناً.. حتى نصبح قادرين على قراءة الأحداث ونستطيع أن ندرك ما يجري من حولنا جيداً.. نحتاج إلى مجرد الوقت أحيانا.. ‏حتى نصبح أفضل مما نحن عليه ‏نحتاج إلى مجرد الوقت أحياناً.. ‏حتى نتعرف عليهم أكثر ونفهمهم بشكل أفضل ‏نحتاج إلى مجرد الوقت أحياناً.. حتى نغير قناعاتنا ونتغير من داخلنا ‏نحتاج إلى مجرد الوقت أحياناً.. حتى نغير عاداتنا السيئة ونصنع عادات أخرى جيدة وإيجابية ‏نحتاج إلى مجرد الوقت أحياناً.. حتى نتجاوز الماضي وما يمليه هذا الماضي علينا من تراكمات خفية ‏لا ندرك حقيقتها وأثرها المباشر نحتاج إلى مجرد الوقت أحياناً.. مع ما يصاحب هذا الوقت من تجارب ومشاهدات وعمليات متصلة بالتفكير والتأمل والبحث المستمر عن الغايات، كل هذه الأوقات التي تقضيها لتحقق رغبة كانت في نفسك ليست هدراً لا تستعجل فلا بد للوقت من نصيب.. ‏‏قال لي مرةً أستاذي في الجامعة - ونحن بصدد بحثٍ جديد علي - حينما أكثرت عليه الأسئلة: لا تستعجل يا يوسف هي مسألة وقت وستستوعب كل شيء.. ‏وبالفعل و‏بعد مضي فترة من الزمن قضيتها معه لأداء هذا البحث ‏أصبح هو من يسألني عن تفاصيل ذات الموضوع ليختبرني وأنا أجيبه بكل ثقة، ‏وما زلت من حينها أؤمن أن المفاهيم والقناعات تحتاج إلى مجرد الوقت أحيانا، ما زلت من حينها أؤمن أن الوقت لا بد أن يأخذ نصيبه في بلورة المضامين وإجلائها وفي تحقيق الغايات والأغراض التي نسعى إليها.