العالم

هل الخطوات الأوروبية تجاه أزمة اللاجئين مسكنة فقط؟

u0639u0627u0626u0644u0629 u0644u0627u062cu0626u0629 u0641u064a u0645u0631u0643u0632 u0639u0628u0648u0631 u0642u0631u0628 u0642u0631u064au0629 u0645u0642u062fu0648u0646u064au0629 (u0623 u0641 u0628)
ساعدت طريقة تفاعل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مع وصول أكثر من مليون من اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين في 2015 على استقرار الأزمة الحالية.

ولكن في حين تبدو التدابير التي اتخذتها تلك الدول مناسبة، إلا أنها ليست في الغالب سوى إجراءات مسكنة مؤقتة تجعل الاتحاد الأوروبي يتصرف عموما بنمط رد الفعل.

وبالتالي ثمة كثير مما يتعين القيام به، إذ يرجح أن تتفاقم أزمة اللاجئين في السنوات المقبلة، لكن حتى لو لم يحدث ذلك، فإن نطاقها وحجمها يعنيان أن التغلب على تبعاتها سيستغرق سنوات عدة أخرى.

وبحسب تقرير لمركز كارنيجي الأمريكي للدراسات الاستراتيجية، فإنه ينبغي أن تحتل هذه القضية مكانة بارزة في استراتيجية الاتحاد الأوروبي العالمية الخاصة بالسياسة الخارجية والأمن، إذا ما كان يرغب في مواجهة التحدي.

صورة مشوهة

إن حجم التحدي يبدو واضحا، ففي 2015 تجاوز عدد النازحين قسرا في جميع أنحاء العالم الـ60 مليونا، مما دفع المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس إلى الدعوة إلى «تغيير الأنموذج المفاهيمي»، ردا على تحد «يبدو جليا الآن أنه يقزم أي شيء رأيناه من قبل». ولإحداث مثل هذا التغيير، يتعين على الاتحاد الأوروبي تصحيح تشوهين يحرفان استجاباته على صعيد السياسة العامة.

أولا، أن إسباغ إطلالة مفاهيمية على أزمات اللاجئين باعتبارها حالات طارئة يمكن الحكومات الوطنية من تبرير مساهماتها أمام جمهورها المحلي بوصفها ضرورية ومحدودة، إلا أنه يحجب في الوقت نفسه إدراك ما يسبب ويديم تدفق اللاجئين.

وهذا يعوق التخطيط والإعداد على المدى الطويل ويحول دون استجابة أكثر فعالية، إذ من المؤكد أن النزاع المسلح هو المحرك المباشر للنزوح، بيد أن التركيز عليه بصورة محددة للغاية باعتباره الحدث الرئيس يتغاضى عن الاتجاهات طويلة الأمد التي أبرزت مواطن ضعف المجتمعات المحلية، وأضعفت قدرتها على التغلب على المشكلات، مما يؤدي إلى مستويات أعلى من النزوح بمجرد أن يبدأ الصراع.

ثانيا، يتم تشويه استجابات الاتحاد الأوروبي أيضا، حيث تقتصر التدخلات في أزمات اللاجئين على المساعدات الإنسانية، وخاصة تقديم المعونة الغذائية، متبوعة بالمياه والمرافق الصحية والمأوى.

من المؤكد أن هذه المساعدات حيوية للبقاء، إلا أن التمسك بإطار طوارئ للتدخل، وفقا للتقرير، يحد من إمكانية تطوير مقاربات جديدة قد تلبي على نحو أفضل احتياجات أزمة لاجئين عالمية غير مسبوقة، وبهدف توفير فرص أفضل للاستدامة والمرونة على المدى الطويل.

أنموذج مفاهيمي جديد

من الواضح أن تعاون الحكومات المحلية أو سلطات الأمر الواقع ضروري لإنجاح مثل هذا النهج، لكن من المتعذر تطبيق هذا النهج في كل مكان، لا بل إن القضية السورية المعقدة تشي بما يمكن القيام به، فهناك بالفعل عدد كبير من اللاجئين السوريين الذين يمارسون أعمالا غير رسمية بأجور متدنية في لبنان والأردن وتركيا، ويولدون الطلب على السلع الاستهلاكية، ويضخون الأموال في سوق الإسكان.

وأدى ذلك إلى تشويه الأجور والإيجارات المحلية وتوتير العلاقات مع المجتمعات المضيفة، لكنه وفر أيضا مصادر دخل لكثيرين، وخفف في الواقع من حدة وضع كارثي.

وقد مدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والوكالات الأخرى أيضا يد العون من خلال تزويد اللاجئين بقسائم وإعانات إيجار يتم إنفاقها محليا، فيما ساعدت هيئات مركزية وبلدية مختارة على مواجهة زيادة الطلب على الخدمات العامة للتقليل من الآثار السلبية على المواطنين.

لكن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بوصفها الهيئة الأساسية المنفذة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وسواها من الجهات المانحة الرئيسة، ومعظم العاملين في المجال الإنساني، حسبما جاء في التقرير، يظلون حبيسي إطار الطوارئ عندما يتعلق الأمر بالتخطيط والإعداد للمستقبل. فهم يقومون بجمع بيانات شاملة، غير أنهم لا يشاركون في عملية تحليل البيانات التي قد تؤدي إلى تبني مقاربات بديلة.

ويشير التقرير إلى أن تلك المقاربة تنطوي على خطر التحول إلى مقاربة عقيمة عندما يبدأ الشعور بالتعب من تقديم المساعدات، وينخفض نصيب الفرد من المساعدات المقدمة إلى اللاجئين، في الوقت الذي يزداد اعتمادهم على المساعدات.

ومن المفارقات أن الاتحاد الأوروبي هو الذي يختبر الميزة التي ينطوي عليها تبني مقاربة مختلفة عبر السعي إلى الحصول على موافقة تركيا على إصدار تصاريح عمل للاجئين السوريين بهدف تنظيم عملهم، في حين يثنيهم عن الهجرة إلى أوروبا.

وغرض الاتحاد الأوروبي هو خدمة مصالحه الخاصة، لكنه قد يمهد الطريق لإعادة النظر في مقاربته العامة بصورة جذرية.

هناك ثلاثة عوامل ينبغي أن تجبره على القيام بذلك: أولها يتمثل في أن عودة اللاجئين إلى بلدانهم دائما ما تكون بطيئة للغاية حتى بعد استعادة السلام.

ففي 2014، لم يتمكن سوى 126 ألف و800 لاجئ من أصل نحو 60 مليونا في جميع أنحاء العالم من العودة إلى ديارهم.

إن عدم تقديم المساعدة الإنسانية ليس خيارا، لكنه لا يمثل، في الوقت نفسه استجابة كافية.

ولكي يحدث فرقا، يتعين على الاتحاد الأوروبي، بحسب التقرير، تطوير أنموذج مفاهيمي جديد قادر على تغيير شروط وحسابات التكلفة والعائد لملايين اللاجئين أينما كانوا، وألا يكتفي فقط بأولئك الذين يحطون الرحال على شواطئه.