حمود الباهلي

تعليل وقوع الطلاق لدى زيجمونت باومان

الجمعة - 06 أبريل 2018

Fri - 06 Apr 2018

«تغير الرجال كثيرا.. لم يعودوا قادرين على تحمل المسؤولية» نسمع هذا التعليق عندما تتحدث النساء عن حادثة طلاق، بينما يكون تعليق الرجال على نفس الحادثة «تدليل النساء السبب الأكبر لحدوث الطلاق».

بالتأكيد ليست هذه التعليقات صادرة عن بحث علمي وإنما مجرد انطباعات شخصية وتحيزات ضد الجنس الآخر.

إذا أردنا جوابا علميا من شخص مختص بالظواهر الإنسانية، لا يمكن تجاهل كتابات زيجمونت باومان.

كتب هذا الباحث البولندي سلسلة كتب حلل فيها السيولة في المشاعر الإنسانية التي تتصف بها المجتمعات الاستهلاكية.

يرى زيجمونت أننا في تغير دائم، نبحث عن فرص أفضل. نلبس زيا اليوم ونستبدله بغيره غدا، نذهب إلى مطعم هذا الشهر، نبحث عن غيره الشهر المقبل، نسافر هذ السنة لمكان، لنستعيض عنه مكانا آخر في السنة التالية. انسحبت هذا الرغبة العارمة في استهلاك الأشياء المادية إلى المشاعر الإنسانية. أصبحنا نجدد علاقاتنا الإنسانية (صداقة، زواج) كما نغير أشياءنا المادية.

لا يمكن عزل ظاهرة كثرة حالات الطلاق عن ظاهرة كثرة تبديل الأصدقاء، من النادر اليوم أن يظل الشخص مع نفس مجموعة الأصدقاء لمدة طويلة.

يمكن ملاحظة ذلك من خلال كثرة تداول النصوص في الواتس اب التي تنصح ألا تضحي بمصالحك من أجل أقاربك وأصدقائك.

هذه طبيعة العصر الذي نعيش فيه، هي ليست مشلكتي أو مشكلتك، يتميز عصرنا بأنه استهلاكي على الصعيدين المادي والإنساني.

في الواقع، عندما أتحدث عن وجهة نظر باومان، لا أدعو إلى تطبيع مع ظاهرة الطلاق، وإنما من أجل الوعي بها حتى نحسن التعامل معها.

الوعي بطبيعة العصر يرشدنا إلى أمرين:

1. ألا يستعجل الشخص في الاقتران بمن يروق له، فالزواج ليس مثل التقديم على شركة أو شراء بيت، يمكن أن تفعله كما تشاء، عدد مرات الزواج محدود جدا، قبل أن تقدم على هذه الخطوة لا بد أن تدرس الاقتران بالطرف الآخر جيدا.

2. ألا يحمل أي طرف العلاقة أكثر مما تحتمل، لا يقبل في زمننا هذا أن يضحي شخص بعمله من أجل صديق أو قرين، العلاقات أصبحت هشة والمصالح غدت أكبر، حتى يتجنب الشخص تجربة الانفصال وتشتيت أولاده عليه ألا يتصور أن الشخص الآخر مستعد أن يقدم تضحية غير محدودة، الزواج أخذ وعطاء إذا كانت تريد علاقة دائمة لا بد أن تعطي كما تأخذ. الانفصال ظاهرة معقدة جدا، لا يمكن لهذه المقالة أن تحللها، لكن من أراد المزيد لفهمها، فعليه بكتاب زيجمونت باومان «الحب السائل».