الإزالة والطمس ليسا الحل

فاجأني مطلع الأسبوع الماضي اثنان من المحتسبين بزيارة خاصة إلى مكتبي، بهدف «مناصحتي» حول بعض المخالفات التي يقع فيها الإعلام المحلي بوجه عام، كوني أمثل أحد أوجهه الرسمية

فاجأني مطلع الأسبوع الماضي اثنان من المحتسبين بزيارة خاصة إلى مكتبي، بهدف «مناصحتي» حول بعض المخالفات التي يقع فيها الإعلام المحلي بوجه عام، كوني أمثل أحد أوجهه الرسمية

الاحد - 22 مارس 2015

Sun - 22 Mar 2015



فاجأني مطلع الأسبوع الماضي اثنان من المحتسبين بزيارة خاصة إلى مكتبي، بهدف «مناصحتي» حول بعض المخالفات التي يقع فيها الإعلام المحلي بوجه عام، كوني أمثل أحد أوجهه الرسمية.

وخلافا للصورة التقليدية، المطبوعة على الأقل في ذهني عن المحتسبين، كان الشخصان في قمة التهذيب والرقي أثناء الحوار والمناقشة، وأحدهما تلقى تعليمه العالي في إحدى الجامعات الأمريكية.

وبالرغم من تعدد النقاط التي اتفقنا عليها، إلا أن النقطة الوحيدة التي ظلت محل خلاف فيما بيننا، هي جدوى المنع في القضاء على أي مخالفة، حيث يرى المحتسبان أن تعدد المخالفات الشرعية التي ترافق زيارة المواقع الأثرية من قبل بعض العوام، يدعوهما إلى تبني الرأي القائل بطمسها وإزالتها، للقضاء على دابر هذه المخالفات التي يرتقي بعضها لمرتبة الشركيات.

وحقيقة، رغم تعدد الأمثلة التي ساقاها عن المخالفات التي يتم رصدها من المواقع الأثرية، إلا أنني لم أقتنع بالإزالة كحل رئيسي للقضاء على هذه المخالفات، خاصة عندما ذكرا أن الكعبة المشرفة نفسها ومقام إبراهيم لم يسلما منها.

لأنه لو سلمنا بإزالة كل موقع أثري ترتكب عنده مخالفات شرعية، فالأولى أيضا ألا نستثني الكعبة ومقام إبراهيم من الهدم والإزالة.

وكان موقفي؛ طالما أن الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين قادرة طوال هذه السنين على صد هذه التجاوزات بالطريقة التي لم تترك أثرا سلبيا لدى عموم المسلمين، وظلت أحداثها محصورة داخل الحرمين، فلماذا لا تتعامل الشؤون الإسلامية وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع المواقع الأثرية بذات الأسلوب، متبعة النصيحة بالحسنى وإظهار لين الجانب عند إنكارها على أي مخالف، خاصة وأن عموم المسلمين لديهم منطلقات ليست بالضرورة كالتي ننطلق منها.

يبقى القول، بالرغم من التوجيهات الرسمية بعدم المساس بأي أثر إلا بعد الرجوع إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار، إلا أن المخالفات والتجاوزات التي تحدث في مزارات العالم الإسلامي قد يجدها البعض مبررا لإزالة وطمس الآثار والمواقع التراثية في المملكة، وهو ما يجب التعامل معه بحزم، ليس لأنه مخالفة صريحة لقرار رسمي، بل لأن «البتر» الذي يستخدمه البعض كوسيلة للعلاج لم ولن يكون يوما هو الحل.



[email protected]



alnowaisir@