برجس حمود البرجس

جرأة «التعليم»

الأربعاء - 28 مارس 2018

Wed - 28 Mar 2018

دخول «التعليم» في مسابقة جديدة لتصنيف مستوى الطلبة بين الدول الأخرى تعتبر خطوة جريئة، وتعبر عن ثقة الوزارة ببرامجها التطويرية والتي بدأتها مؤخرا، وأيضا جريئة بما أن اختيار هؤلاء الطلبة والطالبات من قبل لجان دولية، وجريئة بما أن النتائج المتوقعة ربما تحرج الوزارة. هذا الاختبار اختياري وليس إجباريا، والوزارة قررت خوض التجربة بالدخول لاختبار PISA الدولي لتقارن نفسها بين الدول سنويا، وتقارن نفسها خلال السنوات القادمة بالسنوات التي سبقتها، الدخول لهذا الاختبار ليس إلا جرأة من التعليم وهذا نابع من ثقتها بالبرامج التي وضعتها والتي ما زالت في بدايات تنفيذها، والتي أيضا يتوقع أن تواجه تحديات كثيرة.

أكثر ما طالبنا به خلال السنوات الماضية هو تطوير التعليم وأدواته ومعلميه ومناهجه العلمية وأساليبه وهذا هو الاستثمار الحقيقي بالإنسان وبالعقل والفكر، ومؤخرا بدأنا نشهد بداية الخطوات للتطوير، ومن الطبيعي أنها تحتاج وقتا طويلا لتكتمل، ولذلك يتوجب علينا دعمها.

خطوة مباركة أن التعليم يبدأ يكشف لنا بكل شفافية مستوياته، لكي نراقب معه كل سنة مستوى التقدم، بالإضافة إلى المؤشرات التعليمية والتطويرية والتنموية المتعلقة بالتعليم.

التعليم هنا يكشف لنا بشفافية أنه لا يحاول أن ينافس الدول الأخرى، ولكن يريد أن يوضح لنا موقفه بين الدول الأخرى، ويقارن نفسه بنفسه في الخمس أو العشر سنوات القادمة، الاختبار سيكون لـ 6 آلاف طالب وطالبة أعمارهم 15 سنة في 200 مدرسة، تم اختيارهم من لجان دولية بناء على قاعدة بيانات تم إرسالها للجان تضمنت حوالي 450 ألف طالب وطالبة أعمارهم 15 سنة يدرسون في حوالي 7 آلاف مدرسة، مفترض أن الاختبار سيعكس المستويات الحقيقية.

التعليم بدأ التطوير مؤخرا، فالوزارة ابتعثت مؤخرا أكثر من ألفي معلم ومعلمة بتخصصات مختلفة ومديري ووكلاء مدارس ومرشدي طلاب ومشرفين تربويين (ذكورا وإناثا) تم ابتعاثهم ضمن برنامج خبرات مدته سنة بالتنسيق والشراكة مع أكثر من 32 جامعة عالمية متميزة في برامج تطوير مهارات المعلم والأدوات والأساليب الحديثة للتعليم. الاحتكاك بمعلمين في دول متقدمة والتدريب على رأس العمل كان من أهم أهداف هذا الابتعاث.

أيضا ضمن برامج التطوير وتحسين الأداء التربوي والتعليمي كانت هناك محفزات للمعلمين وهي عبارة عن جائزة التعليم للتميز وتعد من أكبر الجوائز بآليتها ومبالغها التي تجاوزت الآن 35 مليون ريال وأيضا 105 سيارات BMW و21 سيارة هيونداي، وقد تم تكريم 715 فائزا وفائزة لثماني دورات اكتملت. بالإضافة إلى برامج تطوير المباني والمناهج العلمية وبرامج تطوير الطلبة والطالبات.

لن تتحقق أحلامنا إلا بتطوير التعليم أولا، ونطمح إلى التحول من التلقين إلى الأساليب الحديثة في التعليم، والقرب من الأعمال المتقدمة والمتعلقة بالابتكارات والاختراعات، فالعالم -الآن- تحول إلى كتلة من الالكترونيات والتكنولوجيا، رغبة في إحلال الجهاز مكان الطبيب والمعلم والمهندس والسائق وغيرهم، إضافة إلى الطائرة بدون طيار لتوصيل الطعام إلى المنازل،فكل هذه البرامج علوم متقدمة، لا بد أن نواكب دول العالم بمثل هذه الخطوات الطموحة وليس أمامنا إلا التعليم، وهذه من الأمور التي كنا نتطلع إليها، إلا أننا نكرر بأننا ما زلنا في بداية الطريق، ونحن نشجع البدايات، فلن تكتمل الخطط إلا بعد سنوات طويلة.

أرى شخصيا أن معيار اكتمال نجاح التعليم الأول والأكبر عندما نصل لمرحلة يرغب خلالها الطلبة والطالبات بمدارسهم وبالتعلم، ولا يرون أنها عبء عليهم، وأن يظهر اشتياقهم للمدارس بعد العطل. نعلم أن هذا مجهود كبير، ويحتاج إلى تكاتف من الأهالي بالإضافة إلى تطوير التعليم ومناهجه وأساليبه وأدواته ومبانيه، ومتى ما بدأت الوزارة وإداراتها، سنجد أن غالبية العوائل ستتقدم، وسينعكس هذا على مستويات الطلبة والطالبات واختبارات القدرات والتحصيلي.