عبدالله المزهر

وزارة إسكان الآخرة!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الأربعاء - 14 مارس 2018

Wed - 14 Mar 2018

مصير الآخرين بعد موتهم من الأمور المهمة التي تشغل كثيرا أذهان كثير من السعوديين، هل سيكونون معنا في الجنة أم إنهم سيسلكون الطريق إلى الجحيم بعيدا عنا معاشر السعوديين والسعوديات. وآخرون يرون العكس أيضا، فيعتقدون أن الآخرين هم أهل الجنة وليسوا مع السعوديين المتشددين الإرهابيين الذين لم يخدموا البشرية والإنسانية ولم يصنعوا الايفون، إلى آخر الأسطوانة التي تعرفون.

وبمجرد أن يكف شخص معروف عن الحياة يبدأ المزاد، ثم ينقسم الناس إلى فريقين، أحدهما يسحبه إلى النار، وآخرون يجزمون أنه في الفردوس الأعلى. وهذه الحالة من الخلاف على مصير الأموات ليست شيئا سيئا بالمجمل، ويمكن اعتبار هذه الحالة دليلا على رحمة الخالق عز وجل أنه لم يجعل مصائر عباده بيد بعضهم البعض، ولكنه تعالى تكفل بأمر الحساب والعقاب والثواب في الآخرة، فسبحانه جل في علاه ما أحكمه وما أعدله.

تشعر أن البعض لا يعجبه كون أمر العباد عند رب العباد، ويجد أنه من المهم أن يكون له رأي في الأمر، مع أنه أجبن من أن يقول رأيه في عمود الإنارة الذي بجوار منزله، ناهيك عما هو أكبر من أمور الدنيا والحياة والسياسة.

والبعض تشعر أنه يتعامل مع الجنة بمفهوم أهل العقار، فيعتقد أن سعر المساكن في الجنة سيرتفع في حال دخلها كثير من الخلق، فتراه يصر بشكل عجيب على أن أغلب الموتى سيدخلون النار حتى يضمن هو أن يجد بيتا في الجنة بسهولة.

وآخرون يظنون أن عدم الترحم على غير المسلمين يعني الدعاء عليهم، وعدم الحزن على رحيلهم. فتجدهم يبادرون بالدعاء على أي ميت غير مسلم حتى لو كان مسالما لم يؤذ أحدا في حياته. وتجد أحدهم يتلذذ وهو يقول «إلى جهنم وبئس المصير»، ويقول ذلك مؤمنا أن يشارك من باب الورع والإيمان والتقوى في التصويت على مقاعد الآخرة.

وفريق آخر لا تجده يدعو ويترحم ويرجو الجنة إلا لغير المسلمين، لأنه يؤمن أن في ذلك إغاظة للظلاميين والمتشددين وبقية القائمة التي تعرفون.

بالأمس توفي العالم ستيفن هوكينج، وليس شرطا أن يكون الحزن على رحيله أو التأثر بوفاته دليلا على أن المتأثر مهتم بالفيزياء أو العلوم أو الفلك أو الفلسفة، كل ما في الأمر أن قصة حياته في حد ذاتها ملهمة. أو كما قال أحد الأصدقاء «خذها من باب أنه كان عالما عظيما في الوقت الذي لم يكن مطلوبا منه أكثر من أن يتنفس، بينما أنت الذي تسخر من موته لم تستطع إلا أن تكون تافها رغم ما أنت عليه».

وعلى أي حال..

وبما أن الأمر أصبح ظاهرة ساطعة أكبر من أن يحجبها غربال، فإني أقترح إنشاء هيئة أو وزارة بمسمى «وزارة الإسكان في الآخرة»، تكون مهمتها تنظيم الفوضى التي تحدث بعد كل وفاة، وأقترح تعييني وزيرا لهذه الوزارة الفتية التي ستلبي احتياج كثير من السعوديين، وتنظم الاستفتاءات على مقاعد الجنة والنار بشكل عصري ومتميز سيبهر العالم أجمع.. أحياءهم والأموات.

@agrni