أحمد الهلالي

أنا لست عاطلا!

الثلاثاء - 13 فبراير 2018

Tue - 13 Feb 2018

أن تحمل شهادة علمية تباهي بها، وتنتظر أن تحقق حلمك بوظيفة براتب مجز يضمن لك حياة كريمة، ثم تتسبب باحثا عن تلك الفرصة الوظيفية (الحلم) فهذا أمر طبيعي، لكن من غير الطبيعي أن ترسل ملف طلب التوظيف إلى جهة ما، ثم تجلس في المنزل تنتظر اتصال تلك الجهة، وتبذر طاقتك وجهدك وعواطفك (المتذمرة) في صفحات التواصل الاجتماعي، شاكيا باكيا، تستجدي عواطف الآخرين مسكنات تزيد فترة مكوثك (عاطلا) في البيت، مرة تلوم الأجانب، وأخرى تلوم الواسطات.

أحيي الشباب الطموح المثابر، أولئك الذين لم يعتبروا فرحة التخرج محطة انتظار، بل انطلقوا من لحظتهم يبنون ذواتهم بمؤهلات إضافية تجعلهم أرقاما صعبة في كل منافسة وظيفية، وأولئك الذين خرجوا من الجامعة بأفكار خلاقة، فبدؤوا مشروعاتهم الصغيرة، التي ربما تكبر يوما، وتبهر الآخرين، وبطبيعة الحال أسميها (أفكارا خلاقة)؛ لأنه من المحبط أن نجد في شارع بطول 2 كيلو خمسة شباب يبيعون (شاي الجمر)، وبعضهم يستأجر سيارة (يكد عليها)، يذهب عرقه في تسديد المخالفات وأجور الصيانة، وكأن فضاءات الأعمال كلها مقصورة على هذه المهن.

يستطيع خريجو الكليات التقنية التشارك في ورشة صيانة للالكترونيات أو ورشة للسيارات أو للأثاث أو الأجهزة المنزلية، ويستطيع خريجو اللغة العربية أن يفتتحوا موقعا الكترونيا (للتصحيح والمراجعة اللغوية) ويستطيع خريجو أقسام اللغات أن يتشاركوا في (مكتب للترجمة) ويستطيع خريجو الحاسبات افتتاح مشروعاتهم الصغيرة للصيانة والبرمجة وتصميم المواقع، ويستطيع خريجو الفنون والتصاميم والهندسة بدء مشروعاتهم كذلك، وغيرها من التخصصات، أنا هنا لا أتحدث عن مشروعات بعشرات الألوف، بل مشروعات صغيرة لا تحتاج إلى رأس مال كبير، ربما تغطيها دفعة واحدة من حافز لخمسة من الشباب.

هذه أمثلة بسيطة من أفكار وخواطر تمر بي، ربما تكون خاطئة حتى، لكني أقصد إلى ألا يستسلم الشاب لمسمى (عاطل)، أو يستسلم لأفكار نمطية ربما لن يجدها مجدية، فيزداد إحباطه، ويصطف في زمرة الناحبين دون حراك يغير واقعهم.

نشعر جميعا بالنشوة حين ينجح شاب، أو أسرة في تغيير واقعهم، ونزداد فرحا حين يأتون بأفكار جديدة خلاقة، ونتناقل تجربتهم لتؤثر في الآخرين، فلو بحثنا في واقع كثير من الشركات العظمى عابرة القارات سنجدها فكرة صغيرة تحركت في رأس أحدهم، ثم طبقها على الواقع بمشروع صغير جدا، فالناس غالبا لا يؤمنون بأفكارك الذهنية الافتراضية، بل لا بد أن تكافح وتضحي وتتعب، ويظل النجاح مسألة نسبية تحكمها الكثير من العوامل، تأملوا معي مباراة كرة القدم والمجهود الذي يبذله كل فريق للوصول لمرمى منافسه، فلو حسبنا عدد الهجمات، سنجد أكثرها محاولات تفشل تباعا بتصدي المنافس، لكن الإصرار يجعل قلة منها، أو واحدة تنجح فيفوز الفريق.