خضر عطاف المعيدي

تجارة السناب شات.. مصيدة للسذج!

الجمعة - 12 يناير 2018

Fri - 12 Jan 2018

في الأثر عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال (من غشنا فليس منا)، فهل عقل هذا الحديث عاقل وعاقلة عندما روجا على المسلمين بضاعة مزجاة من خلال برنامج السناب شات وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي. أعتقد أن كل من لا تتوافق تجارته مع الوسائل المطروقة اجتماعيا، قد انتقل إلى مشاهير السناب شات - مشاهير فقط لدى الجهلاء، وأنصاف المتعلمين - لكي يروجوا ويسوقوا لبضاعة ليس عليها إقبال إما لتردي جودتها، أو لأنها لا تتوافق مع رغبة المستهلك إطلاقا.

وتتفاقم المشكلة يوما بعد يوم حتى أصبح هؤلاء - الشرذمة - ممن يتسولون بطريقة راقيه نوعا ما - يسوقون لأشياء قد تضر بالصحة، كزيوت لإطالة الشعر وكريمات للعناية بالبشرة وغيرها مما لا تحمد عقباه، ولا حسيب ولا رقيب، وهناك بالمقابل فئات من المجتمع لا تكلف نفسها ولو لثوان لكي تطلع على أبسط الأمور حول المنتج الذي تستهلكه من البقالة، أو مراكز التسوق الكبرى، كتاريخ انتهائه وتاريخ تصنيعه، والعناصر التي أقحمت في تركيبته، فكيف سوف يدقق مثل هؤلاء وغيرهم عند شراء منتج عن طريق مسوقي السناب.

لعل ما تطرقت له الكاتبة والباحثة المتميزة الدكتورة كارين بروكس في كتابها الرائع «استهلاك البراءة»، والذي للأسف لم ينقل للعربية بعد، بأن تسويق المستهلك للأفراد يؤدي إلى برمجة العقول خاصة غير الواعية، وذلك بجعل غير المألوف وغير المطروق اجتماعيا مألوفا ومطروقا، وكل ضار نافعا وما إلى ذلك، وقد ضربت لذلك أمثلة رائعة مثل المشروبات الغازية وربطها بنجوم الكرة، والتبغ وربطه بنجوم السينما وما إلى ذلك. ولقد سبق الإسلام ذلك الفكر عندما منع الغش والتدليس على الناس، بل وحرم بيع الحاضر للبادي، ففي الحديث الذي رواه ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قد (نهى أن تتلقى الركبان، وأن يبيع حاضر لباد) وهذا من أجل ألا يغيب عن الناس الأصل في السلعة وقانون تدويرها في المجتمع، فكيف بمن استغل وسائل التواصل الاجتماعية وغرر ببعض الناس الذين ليس لهم أدني تفكير في النظر في عواقب الأمور. لقد اقتحم سذج السناب شات – للأسف – جل بيوت المسلمين، وأصبحوا المنصة الرائدة لترويج بضائع ضارة في أغلبها، وكذلك استغلوا سذاجة بعض أفراد المجتمع لكي يصدروا أسماء مطاعم ومتنزهات وأسواق وما إلى ذلك تحت مظلة الحلف بالله والأيمان المغلظة التي أدت بدورها إلى أن يكون أناس أشبه بقطيع يقوده شخص مجهول السيرة والهوية، لكنه نجم سنابي.

يتألم كل ذي لب وكل ذي فكر حين ينقاد بعضنا خلف ثلة لم يبلغ جلهم سن الحلم لكي يحددوا لنا نوع المنتج الذي نشتري، ونوع المطعم الذي نزور، ونوع المتنزه الذي نرتاد، وليس وفق ما نستهوي ونميل.. فإلى أين الاتجاه يا أبناء المجتمع؟