محمد صالح آل شمح

نيوم في التعليم

الاحد - 12 نوفمبر 2017

Sun - 12 Nov 2017

في كل عام دراسي، وبعد مقابلة أولى مع الطلاب، وما يتبعها من تعرف بالأسماء أسألهم عن أهدافهم وهوايتهم وأتناقش معهم عن الطموح والمستقبل مع التحفيز وشحذ الهمم، ولكن ما أكاد أنتهي من الوقت إلا وأتحسف على شباب في مقتبل العمر لا أهداف ولا قراءة أو طموح، هم أقرب إلى أموات في ثياب طلاب، وأعجب كل العجب من المعلمين السابقين كيف لا ينمون ولا يحفزون الطلاب لمستقبل مشرق، ولا نعمم هنا وهناك، بل يوجد نماذج مشرقه وطموحة تجدهم من أفضل الطلاب علم ومعرفة، ولكن أين نحن اليوم وكيف نطور فهم طلابنا ونجعلهم يتعايشون مع واقع المستقبل، وأن العلوم تتطور وتتغير في كل لحظة زمنية؟

هل تعلم وزارة التعليم أن مشروع نيوم متطور جدا وسابق لأنظمة الوزارة بمراحل، إلى متى والتدريب المخصص للمعلمين أقل من المستوى المأمول، ودون الطموحات العالية للرؤية، إلى متى نستمر في يوم المعلم بعمل الكثير من الحديث والترحيب والتشجيع ونشر القصائد والتصاميم المشجعة والمحفزة التي تصدر يوم واحد في السنة، وفي الحقيقة هي غائبة طوال أيام العام الدراسي، لا تشجيع ولا تحفيز، بل تحطيم وتعاميم لا تصب بالمصلحة التعليمية. والغريب في الأمر أن وزارة التعليم تحتفل بهذا اليوم وتضع ميزانية وحفلا وهي من يصدر التعاميم ضد المعلم ولا يخفى للجميع تصريح الوزير بعد ساعة النشاط.

هنا سنتحدث بواقعية عن بعض المصائب في السلك التعليمي، ولا يزال الكثير غيرها، وأعتقد أنها لا تفند في مقال واحد، ولكن الإصلاح لا يكون بيوم واحد، ولأني متعايش مع الأحداث التعليمية وما أشاهده من شواهد وأحداث تكون غريبة على ولي الأمر، وليست بمستغربة على المعلم، ففي أحد الأيام وفي حصة لمادة العلوم بالمرحلة المتوسطة طلب من أحد التلاميذ قراءة سطر واحد ولم يجد ذلك لأن التقويم خرج هذا الطالب وأوصله إلى المرحلة الحالية، وترك أهم مقومات نجاحه في القراءة والاطلاع والمعرفة المستقبلية.

وأما بالمرحلة الثانوية، وخاصة في آخر سنة تجد أغلب الطلاب لا يوسع مداركه بالقراءة، معلوماته العلمية لا تتعدى هتافا بسيطا لا يجعله يطمح إلى تطوير مستقبله وينمي وطنه بالعلم والمعرفة، حتى إن أحد الطلاب لا يعرف كيف يكتب بخط يده جملة صحيحة، وهو محصلة لبرنامج التقويم المستمر، ونجد أن الوزارة الموقرة قدمت طريقة مميزة لتشجيع الطلاب على القراءة بمسابقة لا تتعدى طرف نظرتهم في مئة أو مئتين من الطلاب، وترك الباقين بلا تحفيز أو تشجيع لأهم مقومات العلم.

ألا يجدر بالوزارة عمل خطة ونشاطات لتدشين القراءة وتوسيع مدارك الطلاب والمعلمين بكل مجالات الحياة، وذلك أفضل من ضياع الجهد في مسابقات وفعاليات واحتفالات لا تفيد مستقبل الأجيال، ألا يمكن للوزارة الموقرة التخفيف من التعاميم والطرق الغريبة في حبس وكتم وربط إبداع المعلم «مثل نظام لائحة الأداء المدرسي»، وهل من الممكن أن تتعلم وزارتنا الموقرة من وزارة التعليم بفنلندا، حيث اهتمت في أول الأمر بوقف ما يسمى بالواجبات المنزلية وعدم التقيد بزمن دراسي محدد، حيث إن المتوسط ليومهم الدراسي خمس ساعات تقريبا، ألا يمكن لنا أن نجعل المدرسة بيئة جاذبة بغير الشدة والتعاميم والضغط غير المنطقي للطالب والمعلم.

أرسل لي معلم محبط من واقعنا التعليمي صورا لمبنى مدرسة ثانوية في سالامانكا، بإسبانيا، هذه المدرسة بتصميم غريب، حيث إن الجزء العلوي فيها يختفي في السماء! واستخدم الاستوديو المعماري واللوحات الشفافة والمرايا لجعل الطابق العلوي «غير مرئي تقريبا»، والمصيبة أن المدرسة تقع في حي صناعي بالمنطقة، ومقارنة مع ما لدينا فأنصحك عزيزي القارئ ألا تبحث عن صور مدارسنا الثانوية لأنها سجن.

خاتمة، يقول نيلسون مانديلا «التعليم هو السلاح الأقوى الذي يمكنك استخدامه لتغيير العالم».