حنان المرحبي

بالتحول إلى IFRS ينتقل الحكم للمحاسب!

الاحد - 24 سبتمبر 2017

Sun - 24 Sep 2017

بدأت شركات المساهمة السعودية الانتقال إلى تطبيق معايير المحاسبة الدولية (IFRS)، وكان ذلك انطلاقا من الربع الأول للعام 2017. هذه المعايير صادرة عن مجلس معايير المحاسبة الدولية (IASB) الذي يقوم بتطويرها واعتمادها بإشراف من منظمة IFRS Foundation - وهي منظمة غير ربحية، مقرها لندن.

وقبل التحول إلى هذه المعايير، تعتمد الدول بالعادة معايير محلية تقوم بتطويرها على ضوء معايير نظيرة ذات جودة عالية كالمعايير الأمريكية (US GAAP). والمعايير الأمريكية هي الأخرى خاضعة للتحديث تبعا للظروف الاقتصادية المحلية للسوق الأمريكي، وما يجعلها صعبة الانتشار دوليا هو اعتمادها على القواعد (rule-based)، أي أنها تضع لكل حالة مالية قاعدة محاسبية لقياسها، وهذا أدى إلى تحولها إلى مجلدات ضخمة، يصعب نقلها وتطبيقها كما هي من قبل الدول الأخرى، لهذا يتم اختصارها وتعديلها بما يلائم الظروف الاقتصادية والنظامية المحلية لهذه الدول.

ومع ازدياد الاندماج الاقتصادي وهجرة رؤوس الأموال بين الدول أصبحت هناك حاجة إلى توحيد الممارسات المحاسبية لأجل تمكين عمليات المقارنة بين المعلومات المالية للشركات المحلية والأجنبية. لهذا أصبح هناك اهتمام منصب لاعتماد معايير دولية موحدة وعالية الجودة وتلائم الظروف الاقتصادية المختلفة للدول سواء المتقدمة أو النامية مثل معايير IFRS.

وقد تحولت أكثر من 120 دولة حول العالم إلى معايير IFRS من بينها اقتصادات مهمة كأستراليا وإندونيسيا، ولكن ظلت أمريكا وروسيا واليابان متحيزة في مواقفها لصالح معاييرها المحلية.

إن ما يميز معايير IFRS الدولية هو أنها تقوم على أساس المبادئ (principle-based) وليس القواعد كنظيرتها الأمريكية. بالتالي فهي مختصرة، وتعطي حرية أكبر للمحاسب ليقوم بقياس وتقدير قيم الممتلكات والأرباح معتمدا في ذلك على معرفته ورؤيته.

هذا الأمر يشكل تحديا للدول التي تعاني من عجز في الكوادر البشرية التي تتمتع بمهارات محاسبية وتحليلية جيدة. فالعملية ستتطلب من المحاسب أن يصدر حكمه الشخصي في القيم، فمعايير IFRS لا تعطي قاعدة لقياس كل حالة. وهذا الأمر يثير بعض المخاوف من إمكانية استغلال الإدارة لهذه الحرية في السرقة أو التلاعب والغش ومن ثم إخفاء تلك الممارسات بمعالجة فنية معقدة للأرقام أو عن طريق إدارة الأرباح.

جودة المعلومة المحاسبية لا تعتمد فقط على جودة المعايير المحاسبية المطبقة، وإنما يضاف إلى ذلك كفاءة المحاسبين وجودة ممارسات الحوكمة، وأنظمة حماية حقوق المستثمرين بالدولة وتطور القضاء. جميع هذه الأمور تؤخذ في الاعتبار لدى المستثمر الأجنبي أثناء تقييم قرار الاستثمار في الأسهم السعودية أو فتح فروع لمشاريعهم الدولية لدينا.

واختم بنبذة سريعة عن المحاسبة. تلعب المعلومات المحاسبية دورين مهمين: الأول: تفعيل الرقابة والثاني: تقييم الاستثمارات. والمستفيدون جهتان، داخلية (الإدارة والملاك الكبار)، وخارجية (أطراف تربطها مصالح بالشركة كالمستثمرين، المقرضين، مصلحة الزكاة والدخل، الجهات التنظيمية والرقابية). ولتنوع المستفيدين يتم إعداد تقارير مالية ذات أغراض عامة تلبي احتياجات متعددة، وأيضا توحد طرق العرض لتمكين المقارنات.

وقد ازدادت أهمية المحاسبة مع نشأة أسواق المال، والتي يتم بموجب أنظمتها فصل الإدارة عن الملكية (المساهمين)، لهذا ظهرت الحاجة لإلزام الشركات المساهمة أن تصدر تقارير مالية تمكن المستثمرين من متابعة أداء الإدارة في تنمية استثماراتهم، تكون دورية، وتعرض ملخصا لقيم الممتلكات والأرباح في أربع قوائم رئيسية: قائمة المركز المالي، قائمة الدخل، قائمة التدفقات النقدية، وقائمة التغير في حقوق الملكية.