وناسة.. خلصنا الدراسة!

الخميس - 08 يونيو 2017

Thu - 08 Jun 2017

ها قد انتهى العام الدراسي وآب الطلاب إلى إجازتهم السنوية، والتي مع بدايتها سيضطرون إلى الانتقال بين ظرفين لكل منهما معطياته المغايرة تماما للآخر، انتقال قد يكونون سعداء به، لأنه ارتبط لديهم بمفهوم التحلل من التزامات الدراسة وضغوطها، وما أحب شعور الانفلات من ربقة الالتزام إلى قلب كل أحد! لكن ما هو مردود هذا التحول المفاجئ على حياتهم (سلوكا وفكرا وقناعات وووو)؟

نعم إن لهذا الانفلات والانعتاق تأثيره على هذه الجوانب جميعها سيتسرب إلى - جراء موافقتنا لهم في انفلاتهم - أن الحياة قابلة لأن نحياها بفوضوية متى شئنا، وأنه إن لم يكن هناك ملزم أعلى فليس لذواتنا أي سيطرة، وليس لمرجعيتنا الداخلية أي قيمة.

وهنا نكون أعطيناهم درسا مريرا في تهميش وامتهان الوازع الذاتي، في حين تكون آياتنا في تمجيد تحمل المسؤولية الشخصية، وبصيرة الإنسان على نفسه قد سبقت إليهم، حتى كلت منها ألسنتنا وملت منها أسماعهم، ثم نختار أن يكون الانفصال بمواقفنا الواقعية عما كنا ندعو إليه بأقوالنا وتوجيهاتنا النظرية.

ولعل الحديث في هذا السياق يجرنا إلى مشكلة يعاني منها الآباء والمربون والحقيقة أنها مشكلة التعليم ومعضلته الكبرى ألا وهي انفصاله عن واقع الطلاب.

سلوا - إن شئتم - الآباء والمعلمين والمسؤولين في التعليم من منهم راض عن التعليم؟

عانينا - منذ زمن ليس بالقريب - الانفصال الحاد بين التعليم وواقع المتعلمين، يتلقون التعليم والتربية والتوجيه بمسمع يختلف عن المسمع الذي يدركون به واقعهم.

ما ذنب الأجيال التي نكلف لأمرها أن تعيش هذه الأزمة، أزمة الاختلال بين ما تتلقى وواقعها؟

خذوا الواقع بكل معطياته وتخيلوه (سلوكيات المربين، الإعلام بفضائحه وتحلله، الشارع بمختطفاته ولصوصه)، تخيلوا كل ذلك ثم تخيلوا قاعة الدرس، والمثاليات التي يغرد بها المعلمون في حجرات المدرسة، وتبنوا عقل هذا الصغير وقتها، ضعوا أنفسكم مكانه.

هل رأفتم به جراء الصور المتضاربة التي تكاد تفجر عقله وهو يحاول الربط بين ما يتلقى وما يعيش؟ ما الحل إذن؟

أنحارب الواقع ونطير زرافات ووحدانا إلى جانب مثل التلقي؟

أم نسعى جاهدين إلى تنزيل المثل إلى مستوى الواقع؟

بشيء من التبصر، ندرك أنه لا هذا ولا ذاك.

الحل أن نعمل على ضبط السلوك، في أنفسنا أولا أولا أولا، ثم التوجيه اللين لسلوك الآخر، وقد ينضبط الآخرون دون تدخلنا المباشر حين يكون سلوكنا قدوة.

لنتذكر دائما عند إرادة حل أي مشكلة أن الحلول تبدأ منا وبنا.

قاعدة «ابدأ بنفسك» صحيحة على الدوام.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال