نظام الكفالة سبب تعاسة الوافدين!

الخميس - 06 أبريل 2017

Thu - 06 Apr 2017

حملة «وطن بلا مخالف» التي انطلقت يوم الأربعاء الأول من رجب (29 مارس) تصدرت عناوين الصحف وأجهزة الإعلام التي تبارت في الإشادة بها، وهي إشادة مستحقة لأن الحملة تضمنت فترة سماح مدتها (90) يوما لمخالفي أنظمة العمل والإقامة للمغادرة الطوعية دون أن يتعرضوا للعقاب والمساءلة القانونية، ودون أن يتعرضوا لبصمة الترحيل، مما يمكنهم من العودة القانونية إذا رغبوا في ذلك مستقبلا.



غير أن عناوين بعض الصحف كانت صادمة تجاوزت كل حدود اللياقة، مصورة المخالفين بأنهم مجرمون فعليهم المغادرة الفورية أو مواجهة العقاب الصارم.

وقالت إحدى الصحف إن فترة السماح تمثل فرصة ذهبية للمخالفين لمغادرة البلاد.



ومن حدة هذه العناوين قد يتصور بعض الناس أن هؤلاء المخالفين أشخاص منبوذون، أو أنهم طاعون يجب الهروب منه لهذا فإن فترة السماح هي المخرج الوحيد لهم.



وعلى ضوء كل هذا، فالإنسان يتساءل ما الذي يجعل الشخص المقيم مخالفا أو أن وجوده غير قانوني؟



في اعتقادي الشخصي أن المخالفين الحقيقيين هم الناس الذين جاؤوا إلى بلادنا بغرض الحج أو العمرة وانتهت تأشيراتهم لكنهم آثروا البقاء رغم أنف الأنظمة والقوانين، لكن وصف بعض المقيمين بإقامات رسمية - لكنهم يواجهون بعض المشاكل فيها - بأنهم أيضا مخالفون فغير دقيق.



ومنذ انطلاق هذه الحملة، تلقيت عددا من الاتصالات الهاتفية من بعض هؤلاء المقيمين المساكين، كل يحكي قصته المحزنة مع كفيله، وقال أحدهم إن كفيله طلب منه مبلغ أربعة آلاف ريال لتجديد إقامته، أو إنه سيبلغ السلطات عنه بأنه هارب من العمل، وهذه تهمة كبيرة عند الجوازات ووزارة العمل.



وقال لي سائق سيارة أجرة إن كفيله رفض أن يعطيه تنازلا وطلب منه مبلغا كبيرا من المال نظير هذا، وأضاف أن إقامته انتهت أمس وأصبح بالتالي مخالفا في عرف القانون.



وبعث لي طبيب من الرياض رسالة قال فيها إن حياته أصبحت بائسة وإن صاحب الشقة يهدده بالطرد وإبلاغ السلطات عنه ما لم يدفع الإيجار المتأخر، وأضاف أنه قد استنفد كل مدخراته وأنه ظل لمدة سنتين عاطل عن العمل.



وهناك الآلاف من مثل هذه القضايا الإنسانية التي تقطع القلب، ومع أن هناك محاكم ولجانا عمالية إلا أن قراراتها كثيرا ما تصب في مصلحة الكفيل، لأن لديه «واسطة» هنا أو هناك أو لديه بعض الأصدقاء والمعارف الذين يقومون بخدمته.



وبالطبع فأنا لا أشكك في نزاهة وعدالة المحاكم واللجان، لكن كثيرا من العمال المقيمين لا يحسنون عرض قضاياهم كما أنهم لا يتصورن أن يتم إنصافهم من المواطنين.



وقد كتبت كثيرا طوال السنوات الماضية عن قضايا بعض العمال، لكن للأسف لم أجد أي تجاوب إلا من وزيرين للعمل هما الدكتور غازي القصيبي – يرحمه الله- والدكتور مفرج الحقباني متعه الله بالصحة والعافية.



إننا نصرف المبالغ الطائلة لتحسين صورتنا بالخارج ونتعاقد مع شركات العلاقات العامة ومع عدد من المنظمات لعمل هذا الشيء، وكان يمكن أن نوفر هذه المبالغ الطائلة ونوقف الحملات الإعلامية المغرضة فقط إذا أحسنا معاملة المقيمين وحققنا لهم العدالة والإنصاف.



لقد أعلنت قيادة هذه البلاد مرارا وتكرارا وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده، وولي ولي العهد أنهم معنيون بخير ورفاهية الإنسان في طول هذه البلاد وعرضها، ولم يستثنوا المقيمين من هذا الخير، خاصة وهم قد أسهموا إسهامات كثيرة في تنمية هذه البلاد وتطورها.

وللأسف الشديد فإن تصرفات بعض الكفلاء تسيء لنا وتشوه صورتنا وتعرض العمال البسطاء لكل أنواع القهر والتعذيب.



ومن هذا المنبر أناشد وزير العمل الدكتور علي الغفيص، الرجل الخلوق الطيب، أن يستجيب لتظلمات هؤلاء العمال البسطاء، وأن يصدر القرارات التي تنصفهم وتعيد الطمأنينة إلى قلوبهم، كما أرجوه العمل على التقليل من الإجراءات الروتينية التي تعوق إنصاف العمال المقيمين وتحقيق العدالة لهم، وأن يكون متيقظا لممارسات بعض الكفلاء الجشعين الذين يقتاتون على عرق العمال المقيمين ويرفعون سقف مطالبهم كلما اقترب موعد تجديد الإقامة.



وأقول لزملائي الإعلاميين إن المخالفين الحقيقيين هم الكفلاء السعوديون الذين يبيعون تأشيرات العمل للعمال الأجانب ليعيشوا على عرقهم ودموعهم.

ولا أشك مطلقا أن لكل بلد الحق في ألا يبقي على أراضيه من يخالف قوانينه الخاصة بالإقامة والعمل، لكن أرجو أن يتم ذلك بلا ظلم أو تجن.



[email protected]