أسئلة الكتابة الخمسة: فيصل الحبيني

زاوية: أسئلة الكتابة الخمسة
زاوية: أسئلة الكتابة الخمسة

الاثنين - 13 مارس 2017

Mon - 13 Mar 2017

729800_438
729800_438
"أيها العالم لقد دخلتك فردا، فكيف صرت الآن حشدا". بهذه الطريقة ندد "فيصل الحبيني"، الذي ثار بلغته على من يراوغ لتحبه الحياة ويحبها، من يتخذ الأحلام وجهة لا أسبابا للمضي فحسب، لأن الأحلام ليست إلا غبارا، فتات في جيب الجفن. إنه ساخط على الذين يتمنون أعمارا طويلة وممتدة، فهو يرى أن الموت أكثر منطقية فلا أحد من الموتى عاد إلى هنا.



في هذا الحوار يحدثنا "الحبيني" عن تلك الكواليس، عن الكتابة، الخفايا والأسرار التي تحدث على الورق:



ماذا تكتب؟

من ناحية تقنية، فتقريبا جربت كتابة كل شيء، من القصة وحتى الرواية والمقال، ولكني لم أنشر من كل ذلك شيئا بعد، أما من ناحية فكرية فإني لا أكتب إلا عن القضايا التي أود القراءة عنها، ولا أصدق بأن ثمة كاتبا يستطيع أن يكتب عن فكرة لا تثيره وتستفزه، وبالتالي نستطيع أن نعتبر الأدب كله بأنه تاريخ القضايا المستفزة.



لماذا تكتب؟

جميعنا يعرف حكاية الحمار الكسول، والرجل الذي ربط جزرة بعصاه ليدفع الحمار للتقدم، هل سيحصل الحمار على الجزرة؟ لا، أبدا، ولكن عليه أن يصدق بأنه سيحصل عليها، وبالتالي سيتابع، وسيصبح وهم الجزرة هذا هو وقود التقدم لديه. وبالتالي أنا أؤمن أن لكل منا جزرة ما؛ الأبناء أو الدين أو تحقيق قيمة ما، إلى آخره، أما جزرتي أنا فهي الكتابة؛ لولا الكتابة لكنت رابدا، وربما لتشجعت وقتلت نفسي هذا الصباح.



لمن تكتب؟

أكتب لأولئك الذين لا يعرفونني شخصيا؛ من الأقارب أو الأصدقاء. نحن نملك تلك النزعة في تحويل الأعمال الفنية لسير ذاتية للمؤلف، وهذا الأمر يقلقني. هل ينظر أحد للكاميرا التي تصور المشهد السينمائي؟ نحن نعلم أنها هناك، ولكننا لا نفكر بها ولا نحاول النظر إليها؛ إننا نحدق في المشهد مباشرة. أريد أن أكون تلك الكاميرا. وعلى ذلك، فأنا أكتب لمن ينكر وجودي، ويعتبرني محض كاميرا.



متى تكتب؟

عند إشارة المرور في ساعة الظهر، وسط اجتماعات العمل، عندما أحاط بأكثر من ثلاثة غرباء، على كراسي المستوصف، وبينما أنتظر تصليح سيارتي في الكراج؛ في كل تلك اللحظات التي تدفعني الغريزة للتواري عن المشهد من أمامي.



كيف تكتب؟

أنا أمحو أكثر مما أكتب، ولا أعرف كيف يمكن لشيء مثل هذا أن يحدث، ولكنه يحدث! ولهذا إنتاجي ضئيل مقارنة بزملائي.



أخاف الكتابة لأنني أخاف الفشل، ولولا أنني - بطبيعتي - شخص متهور، لما تجرأت يوما على كتابة عبارة واحدة، لا أتبع أسلوبا أو طريقة ما، أكتب فحسب، ثم أقرأ ما كتبت، ثم أمحو، ثم أكتب مرة أخرى، ثم أمحو مرة أخرى، وهكذا.



أشكر الله أنني ولدت في زمن الكيبورد، لولاه لما فكرت بالكتابة أبدا، ولكان كل شيء آخر أجمل لدي.



أعرف أنني قلق من اختيار المفردة وحتى موسيقى العبارة.



أعرف أن الكتابة الأولى سيئة دائما، وربما الثانية والثالثة كذلك، وأعرف أن لولا هذا الوسواس لما كتبت جملة واحدة جيدة، وأنا متسامح مع كل هذا.