أين الحقد الذي صدعتمونا به

الاحد - 05 فبراير 2017

Sun - 05 Feb 2017

بعد قرار الرئيس الأمريكي منع مواطني سبع دول من الدخول إلى أمريكا، فسر الأمر من جانب الممنوعين خاصة على أنه فعل عنصري، ورأى جمع آخر هذا الخطاب مفيدا لهم فصوروه على أنه امتداد لحرب على المسلمين منذ القدم.

أصحاب خطاب (حقد غير المسلمين على المسلمين) وجدوا في هذا القرار مادة دسمة لإنعاش روح الحقد التي يبثونها، لكنهم ما لبثوا أن اصطدموا بمن نغص عليهم بكائيتهم، اصطدموا بموقف المجتمع الأمريكي الذي رفض أن يكون القرار ضد المسلمين عموما كما يروج، فخرجوا متظاهرين لحماية حق المسلمين من مختلف الجنسيات في أن يكونوا بينهم.

مواقف تضامنية من مختلف شرائح ذلك المجتمع الذي كان شيوخ ودعاة الفتنة بين البشر يصورون للناس أنهم مجرد حاقدين نابذين للمسلمين والعرب. كنائس ترفع صوت الأذان ومسيحيون يذهبون للمطارات لمساعدة اللاجئين، وممثلون أمريكيون ينظمون مسيرات لحفظ حقوق المسلمين. رأيت يهودية أمريكية ترفع لافتة ترحيبية بالعرب والمسلمين في مطار أمريكي، رأيت صورة لأزهار تحيط ببيت رجل مسلم في أمريكا يخبره الأمريكيون من مختلف الشرائح بأنهم معه. لقد رأيت كثيرا مما يبدد خطاب الحقد والكراهية الذي يحاول دعاة الفتنة بين البشر أن يرسخوه في أذهاننا، المجتمع الدولي بمنظماته كان يرفض – وفق تصوره - أن يتعنصر القرار ضد عرب أو مسلمين.

وبعيدا عن أمريكا، تعرض مسجد في كندا لحادث اعتداء وصفه الموقف الرسمي الكندي باعتداء إرهابي، لقي شجبا خطابيا وعمليا على المستويين الشعبي والرسمي من رئيس الوزراء هناك الذي حضر تأبين الضحايا مفتتحا خطابه للحضور بقول (السلام عليكم).

أتساءل بعد ما رأيت، هل هناك مغيبون لا يزالون يجلسون أسفل منابر الحقد والكراهية التي يعتليها وعاظ وشيوخ الشر ليستمعوا إليهم وهم يحاولون أن يقنعوهم بأن العالم كله يحقد عليهم لأنهم مسلمون أو عرب!

قد يكون هناك من يؤمن حقا بهذه الكراهية حتى وإن أحسن الآخر إليهم، فهم يعشقونها لا يستطيعون أن يتخيلوا أنفسهم بدونها، ربما يتحايلون على ذلك التسامح من الآخرين بألف طريقة، المهم ألا يتزعزع إيمانهم بأن الآخر حاقد عليهم ويجب أن يبادلوه الحقد نفسه. أما أنا فأفتش عن ذلك الحقد في مواقف الشعوب الأخرى فلا أجده، حقا لا أجده.

أتحدث عن مواقف الشعوب والأفراد النقية من أي سياسة مصلحية، أما السياسات المصلحية فحتى أبناء العرق والديانة الواحدة لا تمنعهم من أن يكيدوا لبعضهم البعض، الحديث هنا عن المجتمعات كمجتمعات مدنية.