حمود الباهلي

المقارنات الخاطئة

الاثنين - 16 يناير 2017

Mon - 16 Jan 2017

تخيل أنك كنت جالسا في صالة انتظار بمستوصف وقدم لك أحدهم مئة ريال كهدية، ستفرح بالتأكيد، لكن ماذا لو أنه أعطى أيضا من جلس بجانبك 500 ريال؟ للأسف معظمنا سوف يحزن، وقد يكون وقع ذلك شديدا نفسيا لدرجة أن تتمنى أن لم يعط أحدا منكما شيئا!



نحن كائنات اجتماعية نقيم ما لدينا مقارنة بما لدى الآخرين، لكن هذه المقارنة تعمينا عن التصرف السليم. سواء حصل من جلس بجانبي على مليون أو لم يحصل، لن يغير هذا من (واقعي).



يتساءل البعض، لماذا يشارك عشرات الملايين في مسابقات (اليانصيب) مع أن نسبة الفوز بها تكاد تصل إلى الصفر؟ إنها (المقارنة).

يقارن الشخص بين تذكرة اليانصيب التي قد تكون بدولار بالجائزة التي عادة ما تكون مليون دولار، فيقول في نفسه: إنها لا شيء، لكن ما يحدث بالواقع أن المقامر يظل سنوات يشارك ويخسر الآلاف على أمل أن يفوز، مع أن فرصة فوزه بعيدة جدا.

للدكتور دانيال جيلبرت محاضرة جميلة جدا بعنوان (لماذا نتخذ قرارات خاطئة)

“why we make bad decisions”

بين في المحاضرة أن المقارنة الخاطئة سبب لذلك، ذكر تجربة لطيفة؛



تخيل أنك اشتريت تذكرة بقيمة 20 دولارا لحضور فيلم بالسينما، في طريقك للذهاب أضعت التذكرة، هل ترجع للبيت أم تشتري تذكرة جديدة بقيمة 20 دولارا؟

موقف آخر، لو كان في جيبك ورقتان من فئة 20 دولارا، في طريقك للسينما أضعت 20 دولارا، هل تكمل مسيرك وتشتري التذكرة بالـ20 الباقية أم ترجع؟

يذكر دكتور جيلبرت أن معظم الناس في الموقف الأول لن يشتروا التذكرة الجديدة، لأنها ستصبح بـ 40 دولارا (لماذا أدفع 40 دولارا في التذكرة وغيري يدفع 20!!)، بالمقابل معظم الناس في الموقف الثاني سيشترون التذكرة، لأن قيمتها 20 دولارا، علما أنه ستخرج من جيبه 40 دولارا في حالة أنه اشترى التذكرة، بينما ستخرج 20 دولارا في حال لم يشتر.



بالتحليل المنطقي، يفترض أن تشتري تذكرة جديدة في الموقف الأول (تخيل فقط أن ما فقدت هو ورقة الـ20 دولار وليس التذكرة !) لكن لأن أغلب الناس عاطفيون ويبنون قراراتهم على مقارنات غير سليمة، النتيجة تكون قرارات خاطئة.



كثيرون منا يشترون سلعا عندما يجدون تخفيضا لقيمتها، بسبب أنه يقارن السعر الحالي بالسعر السابق، مع أنه قد لا يكون محتاجا لها، أو السعر الحالي ما زال مرتفعا.

للمقارنة تأثير نفسي، لكن التفكير العقلاني لا يعتمد عليها.