محمد حطحوط

لماذا نضع أهدافا للعام الجديد ولا نحققها؟

الاثنين - 26 ديسمبر 2016

Mon - 26 Dec 2016

كنت وقتها مثل أي شاب آخر يضع أهدافا مع بداية كل سنة، ثم تنتهي السنة ولم ينجز من أهدافه شيئا! وكان تأنيب الضمير حارقا: هل أنا إنسان سيئ؟ كسول؟ ملول؟ لماذا من حولك يحقق أهدافه.. وأنت لا تفعل! وكل عام يمضي تزداد رقعة الألم ويزداد معها لهيب التأنيب، حتى قرأت مقولة شاردة في كتاب باهت، أحدثت نقلة مذهلة في باب (تحقيق الأهداف)، واكتشفت حينها أن المشكلة ليست في ذاتي، بقدر ما هي في طريقة التطبيق الخاطئة، وهي ذات الطريقة الخاطئة التي تجعل الكثير من شباب اليوم يضع أهدافا مع بداية كل عام، وينتهي العام وهو لم يحقق منها شيئا!



القاعدة المذهلة في تحقيق الأهداف تقول: من الخطأ ـ كبداية - أن تضع لك أكثر من هدف في بداية السنة، بل خطأ فادح أن تضع لك هدفا كبيرا. ولكن الطريقة الصحيحة أن تضع لك هدفا واحدا بسيطا جدا لتحقيقه، ولا يأخذ من يومك سوى دقائق! مرة أخرى اختر هدفا واحدا فقط. مثال على ذلك: قراءة صفحة يوميا من كتاب - بدلا من هدفك القديم بقراءة 50 كتابا سنويا، أو الحفاظ على ركعتي الضحى، أو توفير 1% ماليا، وغيرها من الأهداف البسيطة في تحقيقها بالنسبة لك، واليسيرة في إنجازها، واستمر في تكرار هذا 90 يوما، وهي مدة كافية لتحويل هذا الروتين اليومي إلى عادة في حياتك. بعد ذلك ضع لك هدفا بسيطا آخر لتحقيقه، واستمر عليه كذلك 90 يوما، دون انقطاع ليوم واحد، بالإضافة للاستمرار في روتين الهدف السابق. في نهاية السنة ستكون اكتسبت أربع عادات إيجابية جديدة، دون تغيير كبير في روتين حياتك. ولكن في نهاية السنة ستصل لأمر مذهل لا تحلم به: أنك اكتسبت مهارة (تكوين عادة جديدة في حياتك)، وهذا أمر سيحدث فرقا في حياتك عظيما، لأن غياب هذه العادة هو ما يجعلك تؤجل أهدافك كل سنة!



بعد ذلك أضف عادات جديدة في حياتك كل عام، ومع مرور الأيام، سيكون لديك الثقة الداخلية في تحقيق أهداف أكبر وأكثر طموحا، ولكنك حينها أصبح معك سنارتك الخاصة في صيد السمك!



عندما فهمت هذه الفلسفة البسيطة في تحقيق الأهداف قبل 15 سنة، وضعت أهدافا بسيطة لتحقيقها كل سنة، وكانت تتحقق بشكل دوري، بعد ذلك قررت الوصول لهدف أعتبره من أهم القرارات التي اتخذتها في حياتي: قراءة عدد معين - فيه شيء من التحدي - من الكتب شهريا، ومدة الهدف عشر سنوات، تبدأ في 2006، وتنتهي هذا العام 2016، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، كان تحقيقه صعبا، خاصة مع زحام تويتر وسناب، ولكن لأن القراءة أصبحت عادة يومية، أصبحت جزءا من الروتين اليومي الذي تفعله دون تكلف ومجاهدة. المهم في الموضوع أنه لا يوجد استثناء لهذه القاعدة، فلا بد من القراءة اليومية، ولو لصفحة واحدة.. ولو لسطر واحد، ليس هناك استثناء سواء وقت عيد أو سفر أو مرض، لا يمكن تغيب شمس هذا اليوم إلا بمعرفة معلومة لم أكن أعرفها يوم أمس، لا يمكن تغيب شمس هذا اليوم دون التقدم خطوة واحدة إلى الأمام.



إلى كل محبط من تأجيله الطويل لتحقيق أهدافه، توقف عن تأنيب الضمير، فأنت إنسان رائع ومميز، لكنك لم تعرف بعد الطريق لتحقيق هذه الأهداف.. طبق هذه المنهجية البسيطة في تحقيق أحلامك، وسيكون هذا العام منعطفا جديدا في حياتك، ودعك من هرطقة دورات التخطيط لحياتك، لأن بعض من يقدمها باعة كلام، لم يحقق هدفا واحدا في حياته!



[email protected]