هكذا تولد العادات والتقاليد

الجمعة - 16 ديسمبر 2016

Fri - 16 Dec 2016

العادات والتقاليد في المجتمعات لا تظهر فجأة؛ ولكنها تنشأ تدريجيا نتيجة مسايرة فرد لمجموعة من الأشخاص في تبني سلوكيات معينة بدون الاقتناع بها أحيانا؛ ولإثبات هذه النظرية أجرى عالم النفس البولندي الأصل «سولومون آسش» في الخمسينات الميلادية من القرن الماضي عددا من التجارب والدراسات حول ما يعرف بالمسايرة الاجتماعية أو «قانون ضغط النظائر»، فقد قام بإحضار ورقة ورسم عليها خطا عموديا؛ وورقة ثانية ورسم عليها ثلاثة خطوط مختلفة الأطوال!



وعرض الورقتين على مجموعات مختلفة من الطلاب؛ كل مجموعة مكونة من ثمانية طلاب في كلية سوارثمور في الولايات المتحدة الأمريكية؛ وطلب منهم أن يوضحوا رأيهم في مدى تطابق الخط المنفرد في الورقة الأولى مع الخطوط في الورقة الثانية!



وكان قد اتفق مع سبعة منهم على أن يذكروا إجابة خاطئة تخالف الواقع؛ وطلب من الطالب الثامن أن يذكر رأيه فيما يرى؛ دون أن يمارس عليه أي تأثير؛ أجرى «آسش» هذه التجربة أكثر من خمسين مرة وفي كل مرة أخضع طلابا جددا وأظهرت النتائج أن الطالب المنفرد ساير الجماعة في آرائها الخاطئة!



ولاحقا في عام 1962 قام أحد البرامج التلفزيونية الأمريكية بتطبيق نظرية «آسش» لمعرفة أثر ضغط النظائر على بعض الأشخاص أثناء استعمال المصاعد؛ وقد أظهرت التجربة التأثير القوي للأغلبية ومحاولة الشخص المنفرد «الأقلية» على التأقلم والانسجام مع المجموعة والوضع الجديد بدون تردد أو محاولة معرفة الأسباب التي تدفعهم إلى فعل ذلك!



وفي تجربة أخرى قامت بها قناة ناشونال جيوجرافيك حول نظرية «آسش» في إحدى العيادات الطبية حيث دفعت الشخص المنفرد لفعل ما يفعله باقي الموجودين في غرفة الانتظار دون أن يعرف السبب لهذا الفعل!



أخيرا.. هكذا تولد وتتشكل العادات والتقاليد وإن كانت خاطئة؛ ففي كثير من الأحيان يكون الإنسان على استعداد لقول أو فعل أو تبني قناعات فكرية أو دينية أو اجتماعية لا تخضع لمنطق التفكير والاقتناع والحجة والدراسة؛ أكثر من كونها تنبع من منطق المسايرة الاجتماعية والعادات والتقاليد التي سار عليها المجتمع!