موفق النويصر

المشاريع الحكومية عندما يغيب الرقيب وينعدم الضمير

شيء يبقى!
شيء يبقى!

الجمعة - 28 أكتوبر 2016

Fri - 28 Oct 2016

استبشر المكيون بتشغيل كوبري النوارية أخيرا بعد إزالة المعدات الإنشائية من الموقع، وهي التي تسببت في إحداث اختناق مروري طوال عام كامل استغرقه تشييد المشروع. غير أن سعادتهم لم تكتمل بعد أن رجح المتحدث الرسمي لأمانة العاصمة المقدسة إرجاء تشغيل الكوبري إلى رمضان المقبل، بعد أن كان مقررا له في رمضان الماضي، ثم عدل إلى موسم الحج.



وعلى الرغم من المبررات التي ساقتها الأمانة للتأجيل «ترحيل تمديدات المياه والصرف الصحي والكهرباء يحتاج إلى تنسيق مع تلك الجهات، وهو ما يتطلب وقتا أطول»، إلا أن ذلك لم يمنع انتشار أقاويل تؤكد أن السبب الحقيقي يكمن في رفض مدير مرور العاصمة المقدسة العقيد الدكتور باسم البدري استلام الموقع وتشغيله لوجود ملاحظات هندسية تشكل خطرا على مستخدمي الطريق، وأن المقاول المسؤول لا يملك الميزانيات الكافية لإعادة تعديل تلك الملاحظات، وهو ما لم يستطع متحدث الأمانة الإفصاح عنه.



وسؤالي هنا للعقيد البدري: هل كان المرور ضمن الجهات المعتمدة لمخطط المشروع أم لا؟ وهل ما عرض عليكم مخالف لما تم تنفيذه؟ وأخيرا، هل وقفتم على المخالفات أثناء التشييد، أم إن الأمر لم يعنكم وقتها؟



إذا كانت الإجابة بنعم، فلماذا وافقتم على المخطط ولم تعترضوا عليه قبل التشييد؟ وإن كان المخطط المعتمد سليما ومستوفيا لجميع الاشتراطات، وأن الخلل تم أثناء التنفيذ، فلماذا لم تسجلوا ملاحظاتكم أثناء العمل، أو أشعرتم شركاءكم في الاعتماد بالمخالفات المرصودة؟ أما إذا كانت الإجابة بلا، فلماذا يتم إقحام المرور لاستلام مشروع لم يكن ضمن لجنة الموافقة عليه؟

وسؤالي الآخر للأمانة: هل المرور محق في اعتراضه أم لا؟ وقبل ذلك، هل سلمتم المقاول جميع مستحقاته المالية؟ ولماذا أخذتم موقف المتفرج مما يحدث اليوم؟ وعلى ماذا تراهنون؟



شخصيا ينتابني شعور أن الجميع بانتظار أن يتنازل المرور عن مخاوفه ويقبل بالمشروع، على أن يكون هناك حديث آخر عندما تحدث الكارثة، لا سمح الله، أو أن يصدر توجيه من جهة عليا بإصلاح الخطأ، وبالتالي يتأخر تشغيل الكوبري لعام آخر، كما تنبئ بذلك متحدث الأمانة.



للأسف الشديد، حلقة مفرغة من الأخطاء الإدارية والتنظيمية نشاهدها مع كل مشروع حكومي ينفذ، ولا أحد يحرك ساكنا. ملايين الريالات تحرق في الشارع والأخطاء نفس الأخطاء، والتجاوزات نفس التجاوزات، والمتجاوزون نفس المتجاوزين، وبعد ذلك نسأل لماذا بلادنا ليست كمثيلاتها من دول الجوار؟ وما الذي ينقصها لتضاهيها؟ ولماذا يتحرك الكل ونحن واقفون؟

لهؤلاء أقول، لأنه يغيب لدينا الرقيب وينعدم الضمير.



@alnowaisir