الصفة في الدعوى القضائية

تتعدد العلاقات بين بني البشر وتتشابك، ومن الطبيعي أن يحدث نتيجة لذلك بعض الإشكالات التي تنتهي في الغالب بأطراف العلاقة إلى القضاء طلبا لحماية الحق الذي يدعي به كل طرف من أطراف العلاقة،

تتعدد العلاقات بين بني البشر وتتشابك، ومن الطبيعي أن يحدث نتيجة لذلك بعض الإشكالات التي تنتهي في الغالب بأطراف العلاقة إلى القضاء طلبا لحماية الحق الذي يدعي به كل طرف من أطراف العلاقة،

الجمعة - 06 يونيو 2014

Fri - 06 Jun 2014



تتعدد العلاقات بين بني البشر وتتشابك، ومن الطبيعي أن يحدث نتيجة لذلك بعض الإشكالات التي تنتهي في الغالب بأطراف العلاقة إلى القضاء طلبا لحماية الحق الذي يدعي به كل طرف من أطراف العلاقة، وغني عن القول أن حق التقاضي مكفول للجميع إلا أن هذا الحق ليس على إطلاقه إذ يرد عليه قيود معينة يجب الانتباه لها والأخذ بما تفرضه على من يرغب في أن يتقدم بدعوى لدى الجهات القضائية، إذ لا يكفي إقرار الشرع والنظام للحق بل لا بد أن تكون للشخص المدعي بهذا الحق طريقة تمكنه من حماية حقه، فكما أنه يجب على صاحب الحق إثبات حقه، إلا أن ذلك لا يكتمل إلا إذا كان لصاحب هذا الحق سلطة الالتجاء إلى المحاكم للدفاع عنه، فالدعوى القضائية هي الوسيلة لحماية الحق، إلا أنه لا يمكن تصور أن ترفع دعوى دون النظر إلى طبيعة المدعي ومحل الدعوى ومدى توافر الشروط اللازمة لصحة الدعوى وهذا ما يدفعنا إلى السؤال عن الشروط الواجب توفرها في الدعوى القضائية.

طبقا للقاعدة الفقهية الشهيرة التي مفادها أنه «لا دعوى بدون مصلحة»، فإن المدعي سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، خاصا أو عاما، يجب أن تكون له مصلحة في رفع الدعوى، وهذه المصلحة هي حماية الحق وهناك من يذهب إلى القول بأن المصلحة هي الشرط الوحيد لقبول الدعوى وما عداها ما هي إلا صور من هذه المصلحة.

والمصلحة الواجب توفرها لكي تكون الدعوى مقبولة يجب أن تكون مصلحة قانونية حالة وقائمة وشخصية ومباشرة، والمصلحة القانونية هي التي تستند إلى حق وبعبارة أخرى يتعين أن يكون موضوع الدعوى هو المطالبة بحق أو بمركز نظامي أو التعويض عن ضرر أصاب حقًا من الحقوق. وبناءً على ذلك، إذا كانت المصلحة غير نظامية، فلا يعتد بها ولا تكفي لقبول الدعوى. وتكون المصلحة غير نظامية إذا كانت مخالفة للنظام ومعنى أن تكون مصلحة قائمة وحالة، أي يجب أن يكون قد تم الاعتداء فعلا على حق رافع الدعوى، وأن يكون غيره قد نازعه فعلا في حقه، وهذا يعني عدم قبول الدعوى في حالة الضرر المحتمل الوقوع، إلا أنه وخروجا عن هذا الأصل أجاز نظام العمل للعامل المطالبة بالتعويض عن الضرر المحتمل..

وكذلك إذا كان الهدف من رفع الدعوى طلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشى زوال دليله عند النزاع فيه في مستقبل الأيام، كالدعوى التي ترفع بقصد إثبات وقائع معينة يستند إليها لإثبات حق ترفع بشأنه دعوى في المستقبل.

والمصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى تعني أنه يجب أن يكون رافع الدعوى هو صاحب الحق أو من يقوم مقامه كالوكيل أو الولي أو المحامي، فليس للشخص أن يطالب إلا بحقه ما لم يكن وكيلا أو ممثلا.

الصفة هي ولاية مباشرة الدعوى يستمدها المدعي من كونه صاحب الحق أو من كونه نائبا عن صاحب الحق فإذا كان هو صاحب الحق كان له صفة المطالبة وهنا تمتزج الصفقة بشرط المصلحة الشخصية المباشرة، أما إذا كان رافع الدعوى نائبا عن صاحبها فيجب عليه إثبات صفته من تمثيل الشخص الذي ترفع الدعوى باسمه.

وللصفة أهمية كبرى في الدعوى القضائية إذ إنها حق مستقل عن الدعوى وعدم توافرها يعني الحكم بعدم قبول الدعوى كما سبق بيانه، إلا أن الكثير من الناس يجهل هذا الأمر، وعند دفع الطرف الآخر في الدعوى بعدم وجود صفة وتصدر حكمها المحكمة بعدم قبول الدعوى، يظن البعض أنه ظلم وأن المحكمة قد تعمدت أن تحرمه من حق ثابت لا يقبل الريبة أو الشك، ولا يعلم أنه سبب هذا الحكم، وتطبيق هذه الحالة يكون في الغالب عندما تتوافر الصفة في المدعي دون توافرها في المدعى عليه، لذا فإنه من الواجب على من اضطر إلى رفع دعوى للمطالبة بحق له أن يتأكد من توافر شرط الصفة في المدعى عليه، حتى لا يخسر وقته وجهده بلا طائل.