فهد عبدالله

«جماعة» نموذج سعودي تطوعي رائد

الثلاثاء - 30 مايو 2023

Tue - 30 May 2023

في إحدى الدورات المتخصصة في العام الماضي، والمتعلقة بإدارة الأزمات والاستجابة للحالات الطارئة، والتي قدمها المدرب ديفيد سالفوني، بريطاني الجنسية، والمتخصص في هذا المجال، في أحد أيام الدورة كان يستعرض أفضل التجارب والتطبيقات العالمية في مجال الاستجابة للحالات الطارئة، من حيث التنظيم والتخطيط والتنفيذ، وأيضا سرعة وفعالية الاستجابة.

من ضمن خمسة تجارب كانت لجنة الجبيل للطوارئ (جماعة) أحد أهم التطبيقات الرائدة، التي لم ير لها مثيل في الدول الأوروبية.

في الحقيقة أثارت الفضول لدينا بأن هناك لجنة تطوعية سعودية حققت السبق في هذا المجال، رغم أنها لم تكن معروفة لدينا، ولم تأخذ زخما إعلاميا يوازي تلك السمعة المؤسسية العالمية، كما يحكي عنها المدرب القدير ديفيد.

منذ تلك اللحظات، وهناك حالة تتطلع لمعرفة أكثر عن هذه التجربة الفريدة، ومعرفة الأسرار في تميزها، ومدى أثرها الميداني الذي حقق تلك السمعة الطيبة التي نفخر بها كسعوديين، بأنها أحد أفضل التطبيقات العالمية والموجودة على أرض الميدان في وطننا الحبيب.

مؤخرا حصلت الفرصة ـ ولله الحمد ـ بأن تكون زيادة معرفة عن قرب خلال زيارة مقر اللجنة والالتقاء بممثل أعضاء اللجنة التنفيذية الأخ عبدالله الغامدي، الذي كان خير ممثل للجنة خلال تعاونه الكريم والاسترسال المعرفي في توضيحات مسائل تأسيس اللجنة وهيكليتها وأهدافها، ونموذج العمل الرائع جدا الذي تقوم عليه.

تأسست لجنة الجبيل للطوارئ (جماعة) في 1983م، وكان قبول مبدأ التعاون هو بداية المشوار.

طرحت شركة سابك الفكرة في بادئ الأمر مع مندوب كل من الهيئة الملكية والدفاع المدني بالجبيل عام 1981م، قبل أن تبدأ أي من المصانع إنتاجها في المنطقة.

الفكرة الجوهرية الرائدة التي تقوم عليها اللجنة، أن جميع الشركات الموجودة في منطقة الجبيل الصناعية يكون لها ميثاق تعاون خلال هذه اللجنة، بأنه إذا حدث في إحدى المنشآت حادث حريق مثلا، تكون جميع الموارد المخصصة لهذا الشأن في الشركات الأخرى تحت الطلب الفوري، وذلك خلال حصر مسبق للإمكانات التي يمكن توافرها من الشركات الأعضاء، فضلا عن التعاون التواصلي السريع الذي يمكن الجميع من التواصل مع الجميع.

تطورت المسألة بعد ذلك في نوعية الخدمات التي تقدم، مثل التدريبات التوعوية على طاولات التعلم، والتدريبات المتعلقة بالفرضيات والتجارب الوهمية للشركات الأعضاء في اللجنة، وكذلك عمليات التقييم والتدقيق التي تحدث للشركات التي ترغب في الانضمام، للتأكد من الجاهزية المطلوبة كحد أدنى في الاستجابة للحالات الطارئة.

الهيئة العليا للأمن الصناعي بوزارة الداخلية مشكورة كان لها دور في دعم هذه الفكرة، فضلا عن أنها المسؤولة عن تنظيم نشاط لجنة الجبيل للطوارئ (جماعة) التطوعي، والمرجع النهائي لإقرار نظامها الإداري، ونقترح خلال هذا الحيز الالكتروني أن تتم إعادة دراسة هذه الفكرة الرائدة، وتجديد نموذج العمل الخاص بها، وانتقالها من حيز التطوع إلى الحيز المؤسسي، وإمكان استنساخها في أماكن صناعية أخرى في بلدنا الحبيب، أو إنشاء مؤسسة مركزية على غرار هذا النموذج، تتفرع منه وحدات تنظيمية موجودة في جميع مناطق المملكة، والهدف من ذلك هو فعالية وسرعة الاستجابة للحالات الطارئة في جميع الأنشطة الصناعية في كل مناطق المملكة.

أعتقد كثيرا أنه سيكون له أثر إيجابي كبير جدا على مستوى حفظ الأرواح والممتلكات.

fahdabdullahz@