ياسر عمر سندي

الزميل قبل العميل

الأربعاء - 24 مايو 2023

Wed - 24 May 2023

في لقاء تلفزيوني سابق على إحدى القنوات الفضائية تمت استضافة سعادة الدكتور خالد عبدالعزيز الغنيم القيادي المخضرم، الذي ترأس عددا من المنظمات وانضم لعضوية بعضها، حكومية وشبه حكومية وخاصة، على مدار عشرات الأعوام، فضلا عن بداياته محاضرا وأستاذا جامعيا بمجال هندسة الحاسب الآلي، تحدث عن خبرته الإدارية الطويلة ممارسا لفكرة عكست فلسفته العملية التي طبقها على موظفي شركة الاتصالات السعودية، وقالها بعبارة صريحة: «الزميل قبل العميل»، أرسلتها في أول يوم عمل للموظفين عبر البريد الالكتروني.

أجدها فلسفة عميقة من قائد اختزل رسالته في ثلاث كلمات: الأولى وهي «الزميل» التي حققت مبدأ المساواة المهنية العامة ورفع قيمة الموظفين المعنوية، بأن الجميع يعملون لهدف منشود وتحت مظلة واحدة، وإن اختلفت المستويات التنظيمية فإن دعمهم بعبارات نفسية ومنهج عمل إداري يحقق معيار الأداء لرأس المال البشري. والكلمة الثانية: وهي «قبل» التي تفيد أسبقية اهتمام الإدارة العليا بالأولوية للموظفين.

والكلمة الثالثة: وهي «العميل» التي تعكس ديمومة التعامل مع مصدر الدخل المادي كمستهلك للمنتج، ليرتبط ذهنيا ونفسيا بالمنظمة وبعلامتها التجارية في صورته الذهنية خلال تحفيز القائد للموظفين.

ظهر علم السلوك التنظيمي في بداية القرن العشرين، وتطور بعد ذلك نظريا وتطبيقيا، وهو مستمد من مدرسة العلاقات الإنسانية التي وقفت بجانب التكتلات العمالية المناهضة للأسلوب النفعي، أو ما يسمى بالمنهج الميكافيلي آنذاك، بقيام المديرين والمشرفين وأصحاب العمل بالاستبداد واستغلال الموظفين، وتهميشهم وسلب حقوقهم بحجج واهية، مثل أنهم كسولون وغير منتجين وعدم الالتفات إلى شكاواهم، وإهمال تظلماتهم وضرورة إجبارهم على العمل بأقل تكلفة وأكبر مجهود لتحقيق التوفير والإنتاج فقط.

وأشارت جمعية علم النفس الأمريكية APA في مجال علم النفس التنظيمي إلى أن ضمان حقوق الموظفين النفسية يأتي قبل المادية لرفع الروح المعنوية، وهو ما يسمى بالعقد النفسي Psychological Contact.

المنظمة عبارة عن منظومة عمل بشرية تعمل بأسلوب دائري مستدام، يتم بين البيئة الداخلية (الرؤساء والمرؤوسون) وبين البيئة الخارجية (العملاء والمستهلكون).

وفي نظرية السلوك المعرفي في العملية الاقتصادية تصف بأنه كلما زاد الوعي لدى الرئيس بذكائه العاطفي مثل الاهتمام، التعاطف، التقدير، التعامل الراقي، ارتفع بالتالي الولاء لدى المرؤوسين وزاد أداؤهم المهني، وفي دراسات استطلاعية أجراها الخبير الاقتصادي «غاري بيكر» من جامعة شيكاغو، ولاحقا «يعقوب مينسر» أعطت نتائج عكست على أن هنالك ارتباطا طرديا بين التعامل الإنساني للمديرين وتعظيم دافعية الإنجاز لدى الموظفين وتحريك عجلة الاقتصاد، وأنه يمكننا وصف المنشأة بالمنظمة المبدعة خلال قائدها المبدع الذي يهتم بالموظفين، ويرفع من قيمتهم المعنوية لتحقيق الأهداف التنظيمية.

Yos123Omar@