حنان درويش عابد

الحوكمة في 2023 .. آفاق وتحديات

الثلاثاء - 23 مايو 2023

Tue - 23 May 2023

كما هو معلوم، فإن الحوكمة تمثل العملية التي تتفاعل خلالها الجهات الحكومية وغير الحكومية، لتصميم وتنفيذ السياسات ضمن مجموعة معينة من القواعد الرسمية وغير الرسمية، التي يتم تشكيلها بواسطة السلطة الحكومية.

ولقد أحرزت المجتمعات في جميع أنحاء العالم تقدما هائلا في تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية لمجموعات كبيرة من الناس خلال القرن الماضي.

في السنوات العشرين الماضية فقط، تم انتشال أكثر من 1.2 مليار شخص من براثن الفقر وفق البنك الدولي.

ومع ذلك، فإن هذا الأداء الإيجابي يُخفي عدم تجانس كبير داخل البلدان والمناطق وفيما بينها في جوانب مهمة من نوعية الحياة، ما يزال الفقر المدقع حقيقة واقعة لنحو مليار شخص.

اللامساواة الاقتصادية لافتة للنظر وتتزايد في كثير من الحالات بين كثير من الدول، ولطالما أثار هذا التفاوت المستمر في الإنجازات الاجتماعية والاقتصادية قلق واضعي السياسات والأكاديميين والعاملين في مجال التنمية المستدامة.

من ناحية أخرى، فإن كثيرا من جوانب الحوكمة لها قيمة جوهرية، ولا سيما فكرة الحرية.

فمن الناحية الاقتصادية، يمكن النظر إلى الحرية على أنها مجموعة فرص، ويمكن النظر إلى التنمية على أنها «إزالة أنواع مختلفة من العقبات».

ورغم أهمية هذه القيمة الجوهرية، فإن قيمتها الأداتية مهمة أيضا ،وهذا يمثل العلاقات الإيجابية التي يسميها الاقتصاديون التكامل.

وتستند وجهة النظر المعيارية للحوكمة إلى حقيقة أن كل مجتمع يهتم بتحرير أعضائه من التهديد المستمر بالعنف، وتعزيز الرخاء، وضمان تقاسم الازدهار.

كما يفترض أن المجتمعات تتطلع إلى تحقيق هذه الأهداف بطرق مستدامة بيئيا.

يتوافق هذا النهج مع الانتقال من الحوار القائم على الأيديولوجية إلى الحوار القائم على المثل العليا، التي ظهرت في مجتمع التنمية العالمي على مدى العقود القليلة الماضية، وقد تم تحديد الأهداف الإنمائية للألفية قبل عقدين وأكثر بقليل، ومع ذلك فالواقع هو أن تحقيق جميع أهداف التنمية سيتطلب فهما قويا للحوكمة لتمكين سياسات أكثر فعالية.

وبالنظر إلى عدم قدرة الدول النامية والفقيرة على تصحيح اتجاهاتها المتعلقة بممارستها للحوكمة كمفهوم تنموي حديث خارج سياق الإرث الفكري حول الحوكمة في مسيرة الإنسان القديمة عبر التاريخ، فإن تحقيق تشاركية في الإنجازات بين جميع دول العالم يبدو أنه لا يزال طموحا يفتقر إلى بعض المنطق بالدرجة الأولى، ليبقى السؤال الوحيد المطروح يتعلق بشكل أساسي بمدى قدرة البلدان التي تمتلك أدوات تحقيق معايير الحوكمة على مواصلة نجاحاتها، في ظل تقلب الاقتصاد العالمي، وفي ظل متغيرات اقتصادية تتأرجح بين الصغيرة والمتوسطة من فينة إلى أخرى.