عبدالمعين عيد الأغا

«كُل موزا حتى يزيد طولك»

الثلاثاء - 23 مايو 2023

Tue - 23 May 2023

أستغرب تماما عندما يتجاهل بعض الوالدين علاج أبنائهم الذين يعانون من «قصر القامة» ويوجهونهم بتناول «الموز» لزيادة طولهم، وهذه المقولة المتوارثة منذ عهد الأجداد أصبحت متداولة وعرف سائد في مجتمعنا، ولكنها للأسف تركت خلفها ضحايا من الأطفال الذين حرموا من العلاج الصحيح.

والواقع قد يكون الأجداد مسبوقين بحسن النية في حكاية مقولة «كُل موزا حتى يزيد طولك» ربما بالنظر إلى الفوائد العظيمة للموز واحتوائه على عناصر وفيتامينات مهمة كالبوتاسيوم والمنجنيز والكالسيوم وجميعها تدعم النمو بشكل عام، ولكن ذلك لا يعني أن يكون «الموز» علاجا لمواجهة قصر القامة الذي له مسبباته المختلفة وأبرزها اختلال إفراز هرمون النمو الذي يفرز من الغدة النخامية من منطقة ما تحت المهاد في الدماغ، ويساعد الأطفال على الازدياد في الطول (أي النمو العمودي)، وزيادة الكتلة العضلية، والتقليل من الدهون في الجسم، كما يساعد هرمون النمو عند كل من الأطفال والبالغين على التحكم في التمثيل الغذائي للجسم، بينما تتمثل أهم أعراض نقصه عند الأطفال قصر القامة غير المتناسب مع عمر الطفل، وضعف معدل النمو مقارنة بالأطفال الآخرين، وزيادة كمية الدهون حول منطقة الخصر، وظهور الكرش، وتأخر سن البلوغ.

ومن الأخطاء التي تجعل بعض الآباء يترددون في علاج أبنائهم قصار القامة التداعيات المغلوطة التي يتم ترويجها سواء من قبل أشخاص بشكل مباشر أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي حول تأثير العلاج بهرمون النمو على صحتهم، والحقيقة أن كل تلك التداعيات لا أساس لها من الصحة.

أنصح أولياء الأمور بعدم تجاهل تشخيص أي طفل في حال ملاحظة علامات قصر القامة، فمن خلال دراسة الحالة والتشخيص الصحيح يتم اتخاذ قرار العلاج الذي يعتمد على معرفة السبب، فإن كان السبب وراثيا أو عائليا فقد يصعب التدخل الطبي لحل هذه المشكلة ويقتصر العلاج على المتابعة، أما إن كان السبب عضويا فعلاجها يكون بعلاج العضو المصاب كعلاج أمراض الجهاز الهضمي أو الكبد أو غيرهما، أما إذا كان السبب هو نقص أو اضطراب في إفراز أحد الهرمونات، فيكون العلاج بتعويض الطفل بالهرمون المفقود، مع التنويه بأن قصر القامة مشكلة شائعة عالميا، ويقدر حدوثها بنسبة خمسة أطفال لكل 100 طفل، والفحوصات تشمل أيضا الفحص السريري المتكامل لجميع أجهزة الجسم للتعرف على العلامات المرضية، كما تشمل القياس الدقيق للطول والوزن ورسمهما على الرسومات البيانية للطول والوزن وعلامات البلوغ، وكذلك القسمين العلوي والسفلي من الجسم ومحيط الذراعين، فمعدل النمو الطبيعي للطفل تقريبا نحو 5-6 سنتيمترات سنويا من عمر 3 سنوات وحتى البلوغ.

إذا كان معدل النمو طبيعيا ففي الأغلب يكون قصر القامة نابعا عن فروق شخصية ولا يحمل علامة مرضية، ولكن في حالة تراجع معدل النمو قد يكون لأسباب مرضية تستدعى التدخل الطبي، كما أن أطوال وأوزان الأطفال فيما بينهم تختلف، كما تختلف هذه المقاييس بين الشعوب أيضا؛ ولذلك في كل دولة أو مجموعة دول لها معدلات أطوال وأوزان خاصة بها، كما أن هناك فرقا بسيطا بين معدلات نمو الذكور والإناث لذلك تستخدم مقاييس خاصة بكل جنس.

وأخيرا.. يجب اتخاذ الحيطة والحذر من مدعي وجود علاجات تعمل على زيادة أطوال الأطفال «قصار القامة» عبر كورسات لتحفيز الطول من خلال مشروب وأغذية معينة، وذلك في مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا الكلام غير صحيح جملة وتفصيلا، ويجب على الجميع عدم الانسياق وراء مضللي ومستغلي مواقع التواصل الاجتماعي في استقطاب «قصار القامة».