عين الحلوة مسلسل رعب فلسطيني بإخراج لبناني

سلاح وفوضى وتنظيمات إرهابية تسيطر على مخيم اللاجئين الأشهر عربيا استنفار عسكري ومعركة بالمتاريس لتسليم «الخميني» قاتل زبيدات عضو فتح شهد ولادة الحرب اللبنانية.. والبعض يعتبرونه دولة فلسطين في المنفى
سلاح وفوضى وتنظيمات إرهابية تسيطر على مخيم اللاجئين الأشهر عربيا استنفار عسكري ومعركة بالمتاريس لتسليم «الخميني» قاتل زبيدات عضو فتح شهد ولادة الحرب اللبنانية.. والبعض يعتبرونه دولة فلسطين في المنفى

الاحد - 19 مارس 2023

Sun - 19 Mar 2023

يراه مراقبون مصنعا للتنظيمات الإرهابية والحروب ومصدر قلق دائم، ويصفونه بأنه «دولة فلسطين في المنفى»، ويرى آخرون أن الأحداث التي شهدها في السنوات الماضية تجعله أشبه بمسلسل رعب فلسطيني بإخراج لبناني.

لا ينتهي اشتباك في مخيم عين الحلوة في لبنان ـ أحد أشهر مخيمات اللاجئين في العالم ـ إلا ويندلع اشتباك مسلح آخر بين الفصائل المتخاصمة ويسقط قتلى وجرحى، في ظل وضع أمني أقل ما يوصف عنه بأنه سيئ ومقلق.

تزداد الأوضاع ترديا في عين الحلوة، المخيم الذي خرج الكثير من القيادات الفلسطينية، وله تاريخ حافل في محطات كثيرة في الأحداث اللبنانية وفي الحرب مع إسرائيل، يكاد يتحول إلى عبء على القضية الفلسطينية وعلى الأمن في لبنان، وفقا لـ «إندبندنت عربية».

تسليم الخميني

تروي الصحيفة ما جرى يوم 4 مارس الحالي، عندما سادت حالة من التوتر مخيم عين الحلوة على خلفية مقتل عضو حركة «فتح» وجهاز الأمن الوطني الفلسطيني محمود زبيدات.

شهد المخيم حالة استنفار عسكري محدود ومتبادل بين حركة فتح وجماعة عصبة الأنصار والتنظيمات المحسوبة عليها، وانتشر المسلحون في الأحياء والطرق وأقيمت الدشم والمتاريس.

طالبت حركة فتح بتسليم القاتل خالد جمال علاء الدين الملقب بالخميني، وأحضرت عناصر تابعة لها من المخيمات الأخرى في لبنان تحضيرا لعمل عسكري ضد الأنصار.

وشهد الشارع الرئيس المسمى «الشارع الفوقاني» وضع دشم وشوادر، ولا سيما قبل جامع الصفصاف وبعده ولجهة حي الطيري، ونتيجة تدخل الجيش اللبناني، وهيئة العمل الفلسطيني المشترك التي تتمثل فيها كل القوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية، وافقت «عصبة الأنصار» على تسليم القاتل «الخميني» إلى القوة الفلسطينية المشتركة لتقوم بدورها بتسليمه إلى السلطات اللبنانية.

فوهة بركان

وصف قائد القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في المخيم العقيد الفلسطيني عبدالهادي الأسدي الوضع المنفلت في عين الحلوة بالسوداوي ولا يبشر بالخير، ودعا إلى تغليب الحكمة منعا لإعادة المخيم إلى الوراء وإلى زمن المربعات الأمنية والاغتيالات بالتالي تدميره، وهو تخوف ناتج عن معايشة يومية للوضع المتدهور.

وتشير «إندبندنت عربية» إلى أنها ليست الحادثة الأولى بين حركة «فتح» التي تتمركز في منطقة البركسات داخل المخيم والعصبة التي تتمركز في حي الصفصاف، ولا تنحصر الأحداث بطبيعة الحال بينهما، بل تتعداهما إلى تنظيمات مختلفة بعضها يتشكل من مجموعات صغيرة مسلحة، فالمخيم ينقسم عمليا إلى أحياء، وكل حي له عائلاته وعاداته وتقاليده وتنظيماته المسلحة، ويعكس صورة الانقسامات الفلسطينية بكل أشكالها، بما فيها عمليات الثأر التي تضعه دائما على فوهة بركان، لذلك يشكل المخيم دولة فلسطينية في المنفى، وفد إليه اللاجئون من قرى فلسطينية عدة أعطته خصوصياتها التي حافظت عليها، إضافة إلى هذا التقسيم القروي ينقسم المخيم إلى مربعات أمنية وإلى تنظيمات مسلحة عريقة أو حديثة الولادة، معظمها من الداخل واللاجئين إلى المخيم.

عاصمة الشتات

أصبح المخيم عاصمة الشتات الفلسطيني منذ إنشائه عام 1948 من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بهدف إيواء نحو 15 ألف لاجئ فلسطيني هجروا من قرى الجليل في شمال فلسطين أيام النكبة إثر قيام دولة إسرائيل.

يقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة صيدا، على قطعة أرض استأجرتها الدولة اللبنانیة من قبل اللجنة الدولیة للصلیب الأحمر عام 1949، سكن اللاجئون في الخيام حتى عام 1952 عندما بدأ تشييد مساكن إسمنتية بمساعدة وكالة غوث اللاجئين الدولیة، وهو يسمى أيضا عاصمة الشتات الفلسطيني.

نزح سكان المخیم من شمال فلسطین من 36 قریة متاخمة للحدود اللبنانیة، منها قرى عمقا وصفورية وشعب وطيطبا ولوبيا والمنشية والسميرية والنهر والصفصاف وحطين والرأس الأحمر والطيرة وترشيحا والزيب وعكبرة وغوير أبوشوشة ونمرين وسعسع والسموعي في شمال فلسطين، إلا أن المخيم استمر باستقبال لاجئين فلسطينيين من مخيمات أخرى خلال الحرب الأهلية اللبنانية، إضافة إلى لاجئي عام 1967 بعد النكسة، ليصبح المخيم الأكبر في لبنان من حيث عدد السكان والمساحة.

انطلاق الحرب

تعتبر حركة «فتح» التنظيم الأكبر في المخيم، ولكنها فقدت مع الوقت السيطرة الكاملة عليه خصوصا بعد صعود حركتي حماس، والجهاد الإسلامي، ورعايتهما أكثر من تنظيم أو فصيل أصولي، وحتى حركة «فتح» نفسها شهدت ولا تزال انقسامات داخلية أسهمت في إضعافها بالتالي تفلت الوضع في المخيم نتيجة عدم وجود أي قوة موحدة قادرة على السيطرة عليه.

كان مخيم عين الحلوة المكان الذي انطلقت منه الحرب الأهلية في لبنان مع التظاهرات التي انطلقت في مدينة صيدا، وأدت إلى اغتيال نائب المدينة سابقا معروف سعد في فبراير 1975.

وسمحت «اتفاقية القاهرة» بين لبنان ومنظمة التحرير للفلسطينيين بالعمل المسلح في لبنان، وسهلت خروج السلاح من المخيم لدعم فصائل محلية في منطقة صيدا وغيرها من المناطق. ومنه انطلق المسلحون للمشاركة في أكثر من معركة.

وكانت له جولة قتال قاسية مع جيش النظام السوري في يونيو 1976 عندما حاول هذا الجيش الدخول إلى صيدا في ظل الخلاف مع منظمة التحرير الفلسطينية، ولذلك كان هذا المخيم بفعل تسليحه وامتداده وتحصيناته هدفا للاجتياح الإسرائيلي في عام 1982.

فرار المسلحين

لم تعمل القوات الإسرائيلية على اقتحامه، بل حاصرته وتجاوزته في الطريق نحو بيروت لتعود إلى الاستيلاء عليه بعد فرار المسلحين الفلسطينيين منه، ولكن بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في المرحلة الأولى في عام 1985 أعاد الفلسطينيون تسليح أنفسهم في هذا المخيم وفي المخيمات الأخرى.

ومرة جديدة عاد مخيم عين الحلوة ليلعب دورا رئيسا في مجرى الأحداث اللبنانية، ويعيد الاعتبار إلى دور البندقية الفلسطينية كأحد العوامل المؤثرة في الصراع الداخلي في لبنان، وتجلى هذا الأمر في الحرب ضد محاولة حركة «أمل» الشيعية المدعومة من سوريا السيطرة على المخيمات الفلسطينية في بيروت والجنوب في عام 1986، ولكن بعد محاصرتها مخيمات صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة في بيروت، تمكن المسلحون في عين الحلوة من الخروج من المخيم والتمدد نحو المناطق المتاخمة له مسجلين انتصارات على «أمل»، و نتيجة هذا الأمر اضطر «حزب الله» إلى الفصل بينهما، هذا التوسع امتد إلى البلدات التي شكلت امتدادا لمدينة صيدا حتى مدينة جزين التي بقيت تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية.

العودة مرفوضة

بعد انتهاء الحرب اللبنانية وانتخاب الرئيس إلياس الهراوي عملت السلطة اللبنانية على استعادة السيطرة على الأرض، وعندما رفض الفلسطينيون العودة إلى داخل المخيم وتسليم الأسلحة الثقيلة حصلت مواجهة مع الجيش اللبناني في يوليو 1991 نجح خلالها الجيش في ردهم إلى داخل حدود المخيم مستفيدا من دعم سوري مباشر، في ظل استمرار الصراع بين النظام السوري وياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية.

وبعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان في عام 2000 برز تخوف لدى «حزب الله» من «فتح» نتيجة الخلاف مع عرفات حول موضوع السلام مع إسرائيل، لذلك دعم الحزب حركتي الجهاد وحماس وبعض التنظيمات الأصولية الصغيرة داخل المخيم، ولكن بعد بدء الحرب في سوريا ووقوف «حماس» ضد النظام السوري حاول الحزب التقرب من «فتح»، حيث كان هناك خوف لدى الحزب من أن يستخدم السلاح الفلسطيني ضده في لبنان خصوصا بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري واتهام الحزب بالعملية.

أرقام في مسيرة مخيم عين الحلوة


  • 1948 نشأته



  • 36 قرية بدأت الانتقال له



  • 1975اغتيال نائب المخيم معروف سعد



  • 1976 صد الجيش السوري حين حاول اقتحامه



  • 1982 كان هدفا للاجتياح الإسرائيلي



  • 1986 انتصر على حركة أمل الشيعية