أحمد صالح حلبي

«ما استغنى غني إلا من مال فقير»

الاحد - 19 مارس 2023

Sun - 19 Mar 2023

حينما يجري البعض مقارنة بين الغني والفقير فإن نتائج المقارنة تتحدث عن مجموعة من الاختلافات سواء تمثلت في مستوى المعيشة أو السكن أو المكانة الاجتماعية، متناسين أن هناك أثرياء بالمال لكنهم فقراء في الأخلاق والمبادئ والقيم، وهناك فقراء لا يملكون قوت يومهم لكنهم أغنياء بأخلاقهم وقيمهم وأمانتهم، وتظهر الصورة الحقيقية للفروقات بين الأغنياء والفقراء في الانتخابات التي تجرى في جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني والشركات المساهمة وغيرها، فيسعى بعض المرشحين الأثرياء لتنظيم حملاتهم الدعائية متضمنة عبارات بلاغية جميلة، ووعودا تتوزع بين الأمانة والحرص على حقوق الناخبين، والتزام ووفاء بالوعود، وتطوير وارتقاء للخدمات، وزيادة للعائد المالي، وغيرها من الوعود التي لو دونت لتجاوزت الملايين.

وما أن تضع الانتخابات أوزراها وتعلن نتائج الفائزين فيها حتى تغيب الابتسامة ويحل الغضب، وتغلق الأبواب وتذهب الوعود لعالم النسيان، فالهدف بالوصول لرئاسة أو عضوية مجلس الإدارة تحقق، أما الوعود فلم تكن سوى فلاشات لكسب الناخبين، لتظهر بعدها المقولة الشهيرة «الأغنياء يحتالون.. والفقراء يكذبون»، فالأغنياء كمرشحين استطاعوا الاحتيال على الناخبين بكلماتهم، والفقراء كناخبين صدقوا ما قاله المرشحون وروجوا له، أما الثقة التي تعرف بأنها «علاقة اعتماد بين اثنين، الشخص المؤتمن عليه، والذي من المفترض أن يفي بوعده، وهي رمز وقيمة أخلاقية وإيفاء بالوعود» فلم يعد لها وجود، وهذه حقيقة نراها - بكل أسف - في الكثير من الانتخابات التي تجرى، سواء بمؤسسات أو جمعيات المجتمع المدني أو المؤسسات والشركات الكبرى.

المؤلم ليس في عدم الوفاء بالوعد، بل في استغلال الثقة التي منحها أعضاء الجمعية العمومية للرئيس وأعضاء مجلسه، فسعى الرئيس ومن معه من أعضاء لتحويل المنشأة من ملك لمجموعة من المساهمين إلى ملك خاص يجيز للابن أن يكون مديرا للمنشأة، ويجيز للأب أن يعين صديقه، وللنائب أن يعيين قريبه وصديقه، وللصديق أن يعين قريبه وصديقه، ولا يختلف العضو عنهما فيسعى هو الآخر للاستفادة من منصبه ماليا واجتماعيا، وهنا نتذكر المقولة المشهورة «ما استغنى غني إلا من مال فقير»؛ وهو ما يعني أن هناك من سعى لزيادة ثروته على حساب الفقراء والكذب عليهم.

وقبل الختام أقول إن مقولة «طريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة»، تشير إلى أن التخطيط الجيد والسليم يؤدي إلى النجاح، وكما قال الكاتب الاستشاري فرانسيس ماكجوكين «إن التوسع المادي ليس دائما أفضل حل للنمو بدون بحث دقيق وتخطيط عددي»، والتخطيط الاستراتيجي هو «عملية تحديد المنظمة لاستراتيجيتها أو اتجاهها، واتخاذ القرارات بشأن تخصيص مواردها لمتابعة هذه الاستراتيجية»، والإدارة الناجحة هي التي ترى أن التخطيط الجيد هو أول وأهم خطوة لها، ومن يدعون النجاح لفظا دون فعل فعليهم أن يدركوا بأن بقاءهم لن يطول حتى وإن ظلوا بمقاعدهم سنين عددا، وإن غيابهم آت اليوم أو غد، وحينها ستروى قصصهم المخزية، وكيف أضاعوا الحقوق وينظر الناس لهم كأسماء منبوذة في المجتمع، ليس بكذبهم على الناخبين فقط، بل لاستغلالهم أموال الآخرين والاحتيال عليهم في غيابهم.

قال الشاعر:

صن النفس واحملها على ما يزينها

تعش سالما والقول فيك جميل