خضر عطاف المعيدي

سيماهم في كروشهم

الخميس - 16 مارس 2023

Thu - 16 Mar 2023

«بالإضافة للتعليم نحن بحاجة للصحة ولن ننال الصحة إلا بالرياضة» كابل ديف.

في الوقت الذي يقطع فيه الغربي المسافات جريا أو ممتطيا دراجته لكي يكتسب اللياقة البدنية والصحة، يتسابق أغلب أفراد مجتمعي للصحن الذي فيه وافر الشحم واللحم لكي يضرب بالخمسة؛ لأن الملعقة للنعمة كفران.

وقد أدى ذلك إلى ترسيخ مفهوم الكرشة بأنها نوع من الوجاهة وأن لها رمزية الغنى ورغد العيش، فتسارع القوم نحو نفخ الكرشة طلبا للوجاهة.

ومن عجائب الكرش أنه يجلب مع انتفاخه انتفاخ المؤخرة فأصبح السائر يسير بكرشين لا كرش، ولولا ستر الثياب - أحيانا - لرأينا التضاريس البشرية والجبال تمر بيننا مر السحاب وكأننا في يوم القيامة.

حينما كنت بالخارج أثناء دراستي الدكتوراه كنت أستيقظ الفجر للصلاة ومن ثم أذهب للرياضة وأجد الشوارع قد اكتظت بالماشي والمهرول والراكب دراجته الهوائية بالرغم من برودة الجو بل وصقيعه أحيانا، حتى جارتي الأسترالية التي ناهز عمرها الثمانين كانت تمشي بجانبي وتقول «في اليوم الذي لا تجدني في مضمار الرياضة فاعلم بأنني غادرت مضمار الحياة».

نعم لأنها كانت تشعر أن بقاء صحتها لهذا العمر إنما هو بسبب الرياضة والاهتمام بالجسد والذي ينعكس على العقل وصحته.

بل وكنت أجد أثر الرياضة حتى على أخلاق المجتمع وعلى أدائهم الوظيفي حينما يتجه لعمله بعد الرياضة فذلك كله ينعكس على إنتاجه وهمته ونشاطه. فأين مجتمعاتنا من فلسفة الرياضة؟

للأسف وسأكون صريحا في الطرح وإن غضب من غضب! الرياضة لدينا تنقسم إلى 3 أنواع لا أكثر:

أولها: رياضة الاستعراض والموضة وهي التي يعكف عليها جل المجتمع.

فأغلب المجتمع اتجه للأندية الرياضية ليس طلبا للصحة واللياقة - في الغالب - وإنما لنفخ العضلات والظهور بمظهر جذاب يظن من خلاله بأنه يرمز للصحة وهو محقون بدهون ثلاثية وإبر إظهار عضلات الخيول وغيرها من المواد التي تسرّع عجلة بروز العضلات؛ لأنه مستعجل للذهاب للسوق والأماكن العامة والتقاط صور ليضعها في صفحته بتلك العضلات «الأيسكريمية» التي تذوب سريعا وتتحول لدهون.

ثانيها: وجود وسائل التواصل عزز من مفهوم الظهور في الأندية مع بعض الموسيقى، فتلك هي من رموز الحضارة التي يراها البعض؛ فسارع للأندية حبا للظهور لا للصحة.

ثالثهما: الاشتباه بمرض السكر والضغط أو ظهورهما على الفرد، فها هي الشوارع تعج بمن فهم أن الرياضة هي «الخلاص» من عبء السكر؛ لأنه يريد أن يضرب بالخمسة في النعمة، لذلك لابد أن يمارس الرياضة حتى لا يفتقد لذة الخمسة أصابع وهي تتمرغ في الصحون ودهونها.

وأكاد أجزم بأنه لو قيل يوما بأن هناك عملية ستلغي السكر من جسدك للأبد، لما رأيت في الميادين إلا البعوض.

لا بد من الفهم الشمولي أن الرياضة هي أسلوب حياة وفلسفة عالية لن تنال وتكون جزءا من حياة الفرد إن كانت مربوطة بـ «اشتراط بافلوف» «إن ذهب الشرط انتفت العلة».

سألني صديق ونحن في الميدان وهو مليء بالناس: صف لي هؤلاء المتريضون؟ فقلت له: ينطبق عليهم قوله تعالى: «ولتجدنهم أحرص الناس على حياة» فكل من تراه يبحث عن عمر مديد وكرش مزيد لا رياضة تجعله بجسد من فولاذ وبعقل سديد.