خالد عمر حشوان

شركات تأمين المركبات.. إلى أين؟

السبت - 11 مارس 2023

Sat - 11 Mar 2023

بعد تصريح المتحدث الرسمي لشركات التأمين في الإعلام عن سبب ارتفاع أسعار تأمين المركبات والذي تم تبريره بزيادة أعداد الحوادث للعام الماضي 2022م والتي تجاوزت 1.6 مليون حادث، تفاجأنا بقرار جديد من شركات التأمين (على الأقل بالنسبة لي) وهو عند حدوث مطالبة رسمية لشركات التأمين بناء على تقرير تقدير أضرار الحوادث المرورية النهائي للمركبات، لا يتم دفع كامل مبلغ التقدير للتكلفة الإجمالية شاملة قيمة ضريبة القيمة المضافة كما كان سابقا، بل يتم خصم قيمة الضريبة المضافة من المبلغ المدفوع للمتضرر من الحادث بناء على تعميم صادر من البنك المركزي (حسب تبريرهم) على أن يتم تعويض المتضرر عن قيمة الضريبة المضافة بمجرد تزويد المتضرر بفواتير الإصلاح النهائية والتي تتضمن الرقم الضريبي لجهة الإصلاح وهو ما أكده البنك المركزي لاحقا بعد تقديم شكوى رسمية بهذا الخصوص.

وكما نعلم أن مركز تقدير الحوادث هو مركز معتمد من الدولة ويسهم في اختصار وتسهيل إجراءات تقدير أضرار المركبات ورفع مستوى المهنية في تقارير التقدير وضبطها بما يحفظ حقوق جميع أطراف الحوادث، لذلك من المفترض أن تكون هناك ثقة في تقارير التقدير التي تصدر من هذا المركز الموثق والمعتمد ويتم دفع مبلغ التكلفة الإجمالية كاملا من قبل شركات التأمين دون أي استقطاع كما كان في السابق، مع العلم أنه في أحد الحوادث التي حصلت لي شخصيا في السابق كانت تكلفة التقدير أقل من قيمة التكلفة الحقيقية لإصلاح الضرر، وقمت بدفع الفرق من حسابي الخاص ولم أطالب به، ناهيك عن تكلفة إيجار مركبة بديلة في فترة الإصلاح والتي لا تدخل في تقارير التقدير من الأساس (إلا في حالات نادرة ومكلفة حسب نوع التأمين والشركة المؤمنة).

ومما دار في خاطري عندما علمت بهذه المعلومة من حالة واقعية بالمستندات (أمتلك جميع تفاصيلها) ما فائدة تقرير التقدير الذي كلف المتضرر زيارة لمركز التقدير؟ وكلف قيمة عربة نقل للسيارة المتضررة لعدم السير؟ ولماذا يتم خصم تكلفة ضريبة القيمة المضافة من قبل شركات التأمين خاصة إذا كان عميلهم هو المتسبب الرئيس في الحادث ويتحمل نسبة الخطأ الكاملة في الحادث (100%)؟ وما ذنب المتضرر غير المتفرغ للبحث عن مراكز للصيانة والإصلاح تتوافق مع المبلغ المدفوع ناقصا الضريبة؟ أو حتى الدفع مقدما لإصلاح أضرار مركبته الخاصة، هذا لو وضعنا في الحسبان أن هناك بعض المتضررين لا يملكون سيولة كافية لتغطية الفرق في المبلغ المدفوع ويتكبدون الديون لإصلاح الضرر الذي لحق بمركباتهم، والمطالبة بها لاحقا من شركات التأمين بفواتير ومراجعات حتى لو كانت الكترونية والتي لدي تحفظ شخصي على طريقة التعامل معهم وأسلوب الدفع من قبلهم خاصة عند المطالبات والمتابعة.

شخصيا أرى أن حجب قيمة الضريبة المضافة من المبلغ المدفوع للمتضرر فيه إجحاف كبير بحق المتضرر من الحادث أولا، وعدم ثقة في تقارير التقدير المعتمدة من مركز التقدير ثانيا، وإعطاء فرصة لشركات التأمين من أجل تخفيض المبلغ بحجج غير منطقية ومحاولة الخروج بأقل الخسائر من المطالبات المقدرة من مركز التقدير ثالثا، كل ذلك على حساب المتضرر صاحب المطالبة.

أما رسالتي فهي موجهة للبنك المركزي، وهي أن شركات التأمين تحتاج إلى رقابة خاصة بعد رفع أسعار التأمين وخصم قيمة الضريبة المضافة من المبلغ المدفوع، وتعامل بعضها غير الاحترافي مع المطالبات (رغم وجود بوابة للشكاوي الالكترونية في البنك المركزي)، وأطالب بتغيير أسلوب تكلفة التأمين بحيث يكون المبلغ التقديري حسب السجل الفعلي لقائدي المركبات في الحوادث والمخالفات، لا بأعمار قائدي المركبات الذين تم استغلال حاجتهم للتأمين الإلزامي ورفع الأسعار عليهم بحجة أنهم صغار السن أو نساء حديثات العهد بالقيادة، رغم أنه يوجد من صغار السن من هم أعقل بكثير من كبارهم المستهترين، علما بأن هذا النظام سوف يسهم بحول الله وقوته في تخفيض أعداد الحوادث والحد من تهور واستهتار بعض قائدي المركبات والحرص على سجل الحوادث والمخالفات لكل قائد مركبة من أجل تقدير مبلغ التأمين السنوي الذي سوف يدفعه للسنة التالية.

أتمنى من البنك المركزي بصفته المشرع والمراقب لقطاع التأمين بإعادة صياغة نظام تأمين المركبات وعدم إعطاء شركات التأمين الفرصة للتحكم في سوق تأمين المركبات الذي أصبح هاجسا كبيرا لكثيرا من أفراد المجتمع، والمبادرة بفرض نظام صارم يضمن حقوق جميع الأطراف بمن فيها شركة التأمين والمؤمن والمتضرر من الحادث في جميع الحالات سواء كانت تغطية تأمين أو مطالبة أو تجديدا، لتتوافق مع رؤية المملكة 2030 التي أكدت على ضرورة توسيع قاعدة المستفيدين من التأمين وتسهيل الحصول على الخدمة بجودة عالية المستوى وتقليص أوقات الانتظار والمطالبات وتنوع خيارات التأمين للمواطنين والمقيمين وتشجيع أفراد المجتمع للتأمين على المركبات، خاصة بعد تصريح المتحدث الإعلامي لقطاع التأمين عادل العيسى العام الماضي لقناة العربية، بأن قطاع التأمين على المركبات هو ثاني أكبر قطاع في السوق السعودي ويمثل أكثر من 21% من حجم السوق الإجمالي، وأن أقساط التأمين على المركبات بلغت أكثر من 8 مليارات ريال سعودي وأن عدد المركبات المؤمنة ما يقارب الـ50% من عدد مركبات السوق المحلية رغم إلزامية التأمين، وهنا يبرز السؤال الأهم لماذا هذا النفور من سوق التأمين على المركبات بحوالي 50%؟

@HashwanO