الخراب والانتهازية يهددان أفريقيا

توكارز: انسحاب فرنسا يعرض القارة السمراء لمخاطر كبيرة
توكارز: انسحاب فرنسا يعرض القارة السمراء لمخاطر كبيرة

الاحد - 29 يناير 2023

Sun - 29 Jan 2023



عناصر من جماعة بوكو حرام الإرهابية                                                  (مكة)
عناصر من جماعة بوكو حرام الإرهابية (مكة)
فيما شهدت القارة الأفريقية على مدار العقدين الماضيين تمردين إرهابيين، استعصت بوركينا فاسو وحدها على الإرهابيين، ووقفت مثل الشوكة في حلقهم.

وأشار المستشار السياسي الأمريكي أنتوني جيه.توكارز، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، إن قارة أفريقيا شهدت تمردين: التمرد المتطرف في منطقة المغرب العربي، وتمرد بوكو حرام، إذ بدأ الأول في الجزائر بعد الحرب الأهلية في الجزائر 2002 وانتشر شرقا إلى ليبيا، ثم في الشمال الغربي إلى المغرب، وفي الجنوب الغربي إلى موريتانيا، وجنوبا إلى مالي. وبدأ الثاني في أقصى شمال شرق نيجيريا، وانتشر شرقا إلى تشاد، وشمالا إلى النيجر، وغربا إلى بنين.

وأشار إلى أن دولة واحدة وقفت في طريق التمردين، وعرقلت توسعهما، وهي بوركينا فاسو، لكن في الأسبوع الماضي طلبت الحكومة العسكرية الحالية فيها من فرنسا سحب ما تبقى من قواتها الخاصة، وعددهم 400 جندي من البلاد.

تشجيع الإرهابيين

حققت العملية العسكرية التي قامت بها فرنسا عام 2014 نجاحا في حرمان الجهاديين من مكاسبهم، ومحاصرتهم في جيوب قليلة نائية في أعماق داخل البلاد.

وقد يؤدي انسحاب القوات الفرنسية خلال شهر، حسب طلب حكومة بوركينا فاسو، إلى تشجيع الجماعات الجهادية العاملة في أفريقيا على مضاعفة جهودها ضد الحكومات في منطقتي المغرب والساحل، ويؤكد توكارز أنه ليس من قبيل المبالغة القول، إن مصير كل أفريقيا قد يكون على المحك.

يذكر، أنه في عهد الرئيس بليز كومباوري الذي تولى السلطة في بوركينا فاسو 1987، واستقال أثناء أزمة دستورية 2014، تغيرت السياسة التي كانت سائدة في بوركينا فاسو قبل توليه منصبه، وحققت السلام والاستقرار في البلاد، وكان كومباوري يتمتع بعلاقات مثمرة مع التنظيمات المتطرفة في المنطقة، ونجح في تحرير كثير من الرهائن بصورة سلمية.

خراب وانتهازية

مع ذلك، عانت إدارة كومباوري من فشل في التخطيط للخلافة، فقد سعى إلى التمسك بالسلطة بإجراء تعديل دستوري، ولم يضف للدستور أي بند لكيفية احتواء الاحتجاجات سلميا، في حال حدوث انتفاضة عامة.

وفي غضون أسابيع من التغيرات المقترحة، لم يكن أمام كومباوري أي خيار سوى الاستقالة وإتاحة الفرصة لحكومة عسكرية لتولى السلطة.

وبعد استقالته، شهدت بوركينا فاسو ست حكومات قضت كل منها فترة قصيرة في الحكم، وخلال تلك الفترة، تسبب المتنافسون على الرئاسة في عرقلة جمع وإنفاق أموال الحكومة بسلاسة، لتخفيف المخاوف المتعلقة بالمناح وتداعياتها السياسية.

ويعد التسلسل الزمني للأحداث أمرا معقدا لكثرة عدد الجماعات المتمردة المشاركة فيها وميلها للاندماج، والانفصال، حيث انتقل المتمردون من مالي إلى شمال بوركينا فاسو، مضيفين بذلك مسرحا جديدا للتمرد في المغرب العربي، ومعرضين دولة كانت مستقرة من قبل للخراب على يد الجماعات المسلحة الانتهازية.

سيناريوهات متوقعة

يقول توكارز إنه بعد إعلان حكومة بوركينا فاسو رغبتها في أن يكون هناك انسحاب فرنسي كامل، يبدو الآن أن الوضع الأمني سيزداد تدهورا، ويتمثل أسوأ السيناريوهات في إمكان قيام المقاتلين الجهاديين من تمرد منطقة المغرب العربي بترسيخ وجودهم في بوركينا فاسو، ثم ينتشرون عبر أراضي توجو، ويلتحمون مع متمردي بوكو حرام في بنين، ومن هناك يتدفقون إلى شمال نيجيريا.

وأفضل السيناريوهات المتوقعة، استئناف الجماعات الجهادية تنافساتها القديمة بدلا من اتحادها، وبذلك تكرس مزيدا من الوقت لقتال كل منها الأخرى، بدلا من الاستعداد للقيام بهجمات ضد أوروبا والولايات المتحدة.

ويؤكد أنه ليست هناك حلول سهلة أو مسارات مستقبلية واضحة للأزمة الأمنية التي تزداد سوءا في غرب أفريقيا، كما أن الوضع يزداد تعقيدا بعد اتهامات الرئيس الغاني (نانا اكوفو - ادو)، بوركينا فاسو بأنها استعانت بمجموعة فاجنر لمساعدة بلادها في محاربة الجهاديين.

وإذا صدقت هذه الاتهامات فإنه يمكن أن يعجل مثل هذا الأمر بمزيد من التصعيد بين الغرب وروسيا.