بندر عبدالعزيز المنقور

من غسيل الأموال إلى غسيل الأبحاث

الأربعاء - 23 نوفمبر 2022

Wed - 23 Nov 2022

يحرص الكثير من الباحثين وأعضاء هيئة التدريس على نشر الأبحاث العلمية كجزء من عملهم الأكاديمي؛ ولكن ذلك لا يخلو أحيانا من بعض المجاوزات غير الأخلاقية عند البعض.

من هذا المنطلق أحببت أن أكتب اليوم عن ظاهرة منتشرة وهي قيام الأستاذ أو الباحث الجامعي بإدراج اسمه في بحث أو أي عمل علمي دون المشاركة الفعلية في إعداده؛ بل إن البعض ليس لديه أدنى رغبة في قراءة البحث! -وإن كان بموافقة كل المؤلفين المشتركين- ويكون ذلك عادة بسبب المجاملات (من مبدأ «ضبطني وأضبطك»)، أو للحصول على الترقية الأكاديمية، أو للحصول على لقب علمي، أو إداري، أو مكافأة مالية.. إلخ؛ وهذا بلا شك يمكن اعتباره نوعا من أنواع عدم النزاهة العلمية.

إن تضمين اسم شخص غير مساهم في الورقة العلمية -لأي سبب كان- يتعارض مع أدنى أخلاقيات البحث العلمي، مما يجعل النشر غير أخلاقي؛ فالمفترض أن قائمة المؤلفين يجب أن تعكس فقط أولئك الذين قدموا إسهامات حقيقية للورقة العلمية المنشورة.

إنني أتساءل: كيف يمكن لباحث أن ينشر الكثير من الأبحاث سنويا مع عدد هائل من الاقتباسات بالرغم من عدم حصوله على تمويل مالي أو طلبة (باحثين) أو امتلاكه لمعامل بحثية، والمضحك المبكي أنه يتم الثناء عليهم عند البعض؛ بل ويكرمون من قبل المسؤولين في الجامعات إما جهلا أو لدورهم في رفع الترتيب العالمي للجامعة، والواجب أن يسألوا: من أين لكم هذا؟!

فالعواقب التي يمكن أن تترتب على سوء السلوك البحثي كبيرة وقد تكون كارثية، من أهمها تآكل الثقة بين الزملاء بشكل لا يمكن إصلاحه؛ فضلا على تحطيم السمعة البحثية بين الأوساط الأكاديمية وغير الأكاديمية على الصعيدين المحلي والدولي؛ بالإضافة إلى أن سلوك هذا المسلك الخطير من بعض الأساتذة الكبار قد يشجع الطلاب على تقليدهم والسير على نهجهم في المستقبل بحجة أنهم القدوة والمثل الأعلى لهم.

إن غياب الإرادة وعدم المساءلة وعدم وجود سياسة للإبلاغ عن مثل هذه الممارسات وعدم تطبيق عقوبات رادعة لكل من تنعدم لديه -النزاهة العلمية- كلها أمور تجعل هؤلاء يتجرؤون على الاستمرار في هذا النهج الفاسد الخفي حتى وإن كان النظام الجامعي قد يدفع الشخص لمثل هذه المخالفات فيجد المبرر لنفسه.

لذلك أرى أن الوقت قد حان لتعزيز ثقافة النزاهة العلمية ومحاسبة الباحثين غير الملتزمين بالمعايير الأخلاقية؛ وذلك عن طريق توظيف مراقبة بعض السلوكيات الخاطئة، والأهم أن يتم تعديل نظام الترقيات الأكاديمية ليكون بناء على الجهد الحقيقي للفرد (مثلا: كونه المؤلف الرئيس للبحث) وعلى جودة البحث وليس عدد الأبحاث، وهذا بحد ذاته يحتاج إلى مقال منفصل.