جهاز الإخوان السري.. عقود في صناعة الموت

قصص مثيرة عن علاقة الإخوان بإيران منذ بدية النصف الأول للقرن العشرينكاتبة أمريكية توثق الأصول الفكرية والتنظيمية التي حكمت نزعات العنف
قصص مثيرة عن علاقة الإخوان بإيران منذ بدية النصف الأول للقرن العشرينكاتبة أمريكية توثق الأصول الفكرية والتنظيمية التي حكمت نزعات العنف

الأربعاء - 26 أكتوبر 2022

Wed - 26 Oct 2022

وثقت الكاتبة الأمريكية من أصل مصري، سينثيا فرحات، الأبعاد الخلفية للجهاز السري لجماعة الإخوان المسلمين، وأظهرت كارثية الدعم الأمريكي للجماعة الإرهابية التي سيطرت على الحكم لمدة عام واحد في مصر.

وكشف كتاب «الجهاز السري للإخوان المسلمين وصناعة الموت» للمؤلفة الأمريكية سنثيا فرحات، المهاجرة من مصر منذ عقدين، جوانب خفية تكشف للمرة الأولى عن تاريخ الجماعة على مدار عقود طويلة في صناعة الموت، مؤكدة أنها أخطر جماعة متشددة معاصرة، بعدما أفرخت جماعات تلوثت أياديها بالدماء مثل «التكفير والهجرة»، و»الجماعة الإسلامية»، وجماعة «الجهاد الإسلامي» وغيرها.

ولم يتوقف المد الإرهابي للإخوان ـ بحسب الكتاب ـ عند الداخل، بل تم تصديره إلى الخارج، كما الحال مع جماعة «أنصار الشريعة في ليبيا»، وجماعة «التوحيد والجهاد في الأردن»، وبالقدر نفسه جماعة «طلائع الفتح» ذات الفروع في دول عدة، ثم «حماس» في فلسطين، وصولا إلى الشرين الأعظمين، «القاعدة» و»داعش».. وفقا لـ»اندبندنت عربية».

الإخوان وإيران

تهتم الكاتبة في طرحها بإظهار العلاقات الماورائية للجماعة الإخوانية، بل والسياقات التاريخية التي تأثرت بها في نشأتها، ومن أخطرها وفي مقدمتها، جماعة «الحشاشين»، التي ظهرت ما بين القرنين الـ11 والـ13 الميلادي.

حاولت جماعة الإخوان وربما لا تزال تتبع منهج التقريب الذي سارت عليه جماعة الحشاشين، والقائم على تقريب وتقليص الاختلافات الفقهية بين الشيعة والسنة، والهدف من وراء ذلك تأسيس دولة الخلافة الموحدة، ومن ثم إعلان الجهاد العالمي ضد بقية «الكفار المشركين» ولو كانوا بقية العالم.

والتقت سينثيا فرحات في بحثها عند إعداد الكتاب مؤرخين وثيقي الصلة بجماعة الإخوان، لا سيما الكاتب المصري ثروت الخرباوي، أحد أعضاء الجماعة قبل أن ينشق عنها، والذي زودها بقصص مبكرة جدا عن علاقة الإخوان بإيران في النصف الأول من القرن العشرين.

الخميني والبنا

تؤكد أن مرشد الثورة الإيرانية الأول، الخميني، التقى حسن البنا في مصر أواخر الثلاثينات، ولاحقا في ستينات القرن الماضي، وفيما هو حبيس في سجون الشاه، ترجم كتب سيد قطب والبنا، ولاحقا جعلها مناهج تعليمية في مدارس الحرس الثوري، بل أكثر من ذلك، إذ إن شعار «الإسلام هو الحل»، الذي رفعه الإخوان في ممارساتهم السياسية المستترة، لم يكن سوى شعار طبعه وروج له خامنئي نفسه.

ولم يكن غريبا ـ وفقا للكاتبة ـ أن تقف جماعة الإخوان بجانب إيران في حربها ضد العراق في ثمانينات القرن الماضي، كما تدعم الجماعة البرنامج النووي الإيراني، وترى أن التعاون الإخواني الإيراني أحد أخطر العلاقات وأكثرها تعقيدا في عالم السياسة الدولية والإرهاب العابر للحدود.

الجهاز السري

يهتم كتاب الباحثة فرحات بإيضاح ما خفي عن أعين العوام، بخصوص الجهاز السري، المكلف بتنفيذ العمليات ذات الطابع العنفي، والهيكلية الفكرية التي نشأ عليها، وعندها أن البنا عاد بنظره بعيدا إلى جمال الدين الأفغاني، والذي تعتبره مؤسس المشروع الحركي والشخصية الأكثر أهمية في بلورة رؤية تقدم خليطا من فكرة المجتمعات السرية الغربية، والدعوة الإسلاموية السرية، وبهذا يكون البنا قد قدم كيانا موازيا لحركة الحشاشين في القرن العشرين.

ترى الكاتبة أن حسن البنا في إنشاء الجهاز السري تأثر بقواعد جوزيف ستالين، ولم يكن وحده النموذج المثالي لا سيما للتنظيم السري للإخوان، ذلك أنها اغترفت من كل الجماعات الشمولية والتيارات التوتاليتارية، إضافة للغوص في بحار الجماعات الغامضة تاريخيا، من عند البنائين الأحرار، مرورا بديكتاتوريات عالمية كالقيصر فيلهلم الثاني، ودعايته للحرب العالمية الأولى، وفي النازية تحديدا توقفت الجماعة كثيرا عند «كتيبة العاصفة» أو الـS.A وبذلك أضحت جماعة الإخوان، وفي القلب منها الجهاز السري، آلة قتل اختلطت فيها تأثيرات الحشاشين وستالين والبنا معا.

الدعم الأمريكي

تظهر فصول الكتاب أن أخطر جماعة إرهابية في العالم لا تختبئ في كهوف «هندوكوش»، في جبال أفغانستان، ولا في «الصحراء الممتدة» شمال أفريقيا، بل تعمل من داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وقد أقسم أعضاؤها على الجهاد الأبدي، ضمن خطة «المئة عام لتدمير الغرب»، الركن الرئيس في المشروع العالمي للإخوان المسلمين.

ويطرح الكتاب قضية مهمة للغاية ويمكن إجمالها في علامة الاستفهام التالية «هل وقعت الولايات المتحدة الأمريكية في جب الإخوان المسلمين وفخهم؟».

تبدو خطيئة الولايات المتحدة الكبرى في عيون ثقات التحليل الاستراتيجي الأمريكي، أنها استبدلت نهجها السياسي الذي نجح في مواجهة الفاشية والنازية في النصف الأول من القرن العشرين، والمعروف بـ«استراتيجية القوة لضمان السلام العالمي»، بنسق آخر اتبعه الألمان والعثمانيون، وهو توظيف مرتزقة جهاديين لتنفيذ سياسات فاسدة.

أسهمت السياسات الأمريكية خاصة والأوروبية عامة التي دعمت الإخوان في مقتل الآلاف وتشريد الملايين كما الحال مع النظام الإخواني السابق في السودان، أما عن أفغانستان فحدث ولا حرج.