عبدالله محمد الشهراني

المطار بين أفراح وأتراح

الأربعاء - 31 أغسطس 2022

Wed - 31 Aug 2022

عائلة تخرج بأكملها.. أب وأم وأولاد وبنات تخيم على محياهم جميعا مشاعر الحزن، ودموعهم تتسارع كلما اقتربت خادمتهم من بوابة المغادرة، تلك التي شاركتهم الحياة بأفراحها وأحزانها عقدا من الزمن.

دراما حقيقية ومشاعر صادقة تشهدها كل مطارات العالم، يمتزج فيها الحزن والفرح، بل والرهبة في بعض الأحيان.

تستحوذ بوابة المغادرة على القدر الأكبر من تلك الأحزان، في حين يسيطر الفرح وبشكل كبير على منطقة الوصول. قصص وحالات بعضها نادر وبعضها الآخر متشابه ومعروف، لكن القاسم المشترك بينها جميعا صدق الإحساس وبراءة ردة الفعل.

رب أسرة يغادر البلاد -من أجل الرزق- مودعا عائلته قابضا على يد ابنه الأكبر هامسا في أذنه (خلك رجال وانتبه على البيت)، وزوجة بدأت ترى ذلك الفراغ الكبير الذي سوف يحدثه غياب رب الأسرة. وطبيبة حديثة التخرج تغادر البلاد إلى عالم الوظيفة تودعها والدتها التي تعجز عن الوقوف على قدميها من هول الموقف، ودموع لا تكف عن السيلان ذهابا وإيابا، وكم يتبدى طريق العودة إلى المنزل ثقيلا وطويلا بدون ابنتنا الطبيبة. وأب يحاول جاهدا أن يتمالك نفسه أمام ابنه المبتعث، مستغلا كل دقيقة في نصحه والدعاء له، إلى أن يختفي طيف الابن وهو يعبر بوابة المغادرة، ويذهب الأب مسرعا إلى سيارته، ليطلق العنان لعينيه ومشاعره ويسمح لها بالتعبير.

وفي الجانب الآخر، يعود مريض العائلة وقد من الله عليه بالشفاء، فيجد الأحباب في انتظاره خلف حاجز الاستقبال في منطقة الوصول، فيزداد عافية فوق عافيته. وأم ترقب من حين إلى آخر الباب الكهربائي، كلما فتح علها ترى فلذة كبدها يخرج -منه- عائدا (بالشهادة الكبيرة). وصبيان وبنات كبار في أحضان والدهم، الذي عاد أخيرا بعد أن تغير لون شعره، عاد ليرى رفيقة دربه وقد أعياها التعب ونال منها الزمن والمسؤوليات الكثيرة. وآخر يصل إلى بلد لا يعرف فيها أحدا، تملؤه رهبة المكان، فهو لا يعرف معنى مطار ولم ير طائرة في حياته من قبل، فهو في رحلة مجهولة متجها إلى مجهول، ينتظره مندوب الشركة أو يستقبله « كفيل». والبعض يتفنن في طريقة استقباله لأحبابه.. رأينا أبناء بررة يفرشون الأرض زهورا لأمهاتهم اللواتي قطعن مسافات طويلة من قراهن النائية حتى وصلن إلى أحضان أبنائهن.

ليس الهدف من هذا المقال إثارة المشاعر، أو تنشيط القدرة على تخيل القصص، إنما هو تذكير وتنبيه.. وخصوصا لموظفي المطارات، ولأولئك الذين اعتادوا السفر، وأصبحت لديهم خبرة جيدة به، ألا يبخلوا على مسافر في حاجة إلى أي مساعدة، والأفضل من ذلك أن يبادروا بتقديم العون والتوجيه، فالحال التي يكون فيها كثير من أولئك المسافرين، من مشاعر حزن ورهبة من المكان، قد تعرضهم أو توقعهم في العديد من المشكلات.

جبر الخواطر على الله.

ALSHAHRANI_1400@