سعد المطيري

كرماء السوشل ميديا

الخميس - 04 أغسطس 2022

Thu - 04 Aug 2022

منذ الأزل ومعاني (الكرم والشهامة والنخوة والفزعة) معان حقيقية موجودة في وجدان الرجل العربي الأصيل، ولها مبرراتها في زمن الحاجة والعوز، كما لها مبرراتها من الأحاسيس الصادقة التي لا يمكن أن تبرر بغير تلك المبررات إلا في نطاقات نادرة وقليلة جدا، ولذلك تجد التاريخ يحكي هذه المفاخر العظيمة لهذه المعاني الضاربة في نفوس العرب، كما تحكيها القصائد العاطرة والمترنمة بهذه المعاني الأصيلة.

آلاف القصائد والقصص التي ملأت صفحات التاريخ العربي. ابتداء من إطفاء الإضاءة عن الضيف ليأخذ راحته كما تخبرنا كتب التاريخ وانتهاء بالوفاء والحمية والعطاء والكرم الذي كتب بصيغته الشريفة أصبح الحال هو تشغيل الكاميرا بإضاءة أقوى كذلك، وبسرد إعلامي يحمل في طياته الكثير من البهرجة وتلميع الذات على حساب حاجات الناس.

اليوم في زمن الخير والرخاء والأمن والأمان تغيرت بعض مفاهيم الكرم والعطاء وبذل المساعدة في زمن ما يسمى "بالسوشل ميديا"، تعج فيه بعض المقاطع التي تبرز جانب كرم فلان وعطاء فلان وفعل فلان بمقاطع لا تمت للمعنى الحقيقي بأي صلة، فيها من التزييف الكثير، وفيها من الأعمال التي لا مبرر لها إلا حب الظهور، (فما عاد حب الظهور يقصم الظهور) كما كان يردد في سابق عصرنا بل أصبح حب الظهور أمرا مندوبا إليه بهذه (المقاطع المهايطية) إن صح التعبير الاجتماعي حولها.

فلا القصة حقيقية ولا المبرر حقيقي ولا يوجد أي عزف وجداني أو أحاسيس مفعمة نحو أي تصرف من هذه التصرفات، المهم هو كيف المونتاج للمقطع وكيف تم كتابة حروف المدح بغض النظر هل يستحق الممدوح أم لا، ولو نظرت لحال بعض هواة هذه المقاطع لوجدتهم إما عبادا للمال مهمشين في سابق عصورهم أو قد يكون لديهم إرث فارغ يريدون ملأه بهذه المقاطع المرئية التي تعزز من وجودهم في الحياة بهذه البهرجة الزائفة.

إنهم كرماء السوشل ميديا الذين لم يضعوا السفر إلا بعد أن ضمنوا اشتغال الكاميرا حولهم، ولم يعطوا ريالا واحدا إلا وقد ضمنوا حقه في الظهور الإعلامي وبرزت أسماؤهم كأحد كرماء السوشل ميديا، وهذا ما لا يفسر غياب الكرماء الحقيقيين وأصحاب الأصالة الحقيقية عن هذه الحالة المرئية لأنهم يشمئزون من الظهور بهذه الطريقة الممجوجة التي تخالف الكثير من أعرافنا وتاريخنا الحقيقي.

@Saad_almutire