محمد النفاعي

أخطاء إدارية احتفيت بها

الثلاثاء - 02 أغسطس 2022

Tue - 02 Aug 2022

في الواقع، الأخطاء جزء من حياتنا ومع كثرة ضغوط العمل أو لقلة الخبرة قد يقع بعض المدراء في هفوات وأخطاء إدارية لها علاقة بالركائز الرئيسة لدى أي منظومة عمل، وهي الموارد البشرية والمالية والوسائل المنظمة للأعمال. يقول جورج برنارد شو «النجاح ليس عدم فعل الأخطاء، النجاح هو عدم تكرار الأخطاء». ويقول فيرنر كارل هايزنبيرغ الفيزيائي الألماني الحائز على جائزة نوبل لعام 1932 «الخبير من يعرف أسوأ الأخطاء التي يمكن الوقوع فيها في مجاله ويعرف كيف يتفاداها».

شخصيا أثناء رحلتي الإدارية ارتكبت أخطاء إدارية تعلمت منها الكثير ولكن سأكتفي بسرد خطأين استحقا الاحتفاء بهما لما لهما من أثر فعال في تصحيح بعض المفاهيم الإدارية لدي ودورهما الإيجابي في مسيرتي المهنية.

أولهما كان عندما أُعطيت الفرصة لأكون مديرا لأول مرة خلال موسم الإجازات الصيفية. أحد الزملاء لم يتقبلني منذ انضمامي إلى الفريق وكانت له محاولات عدة لعرقلتي وظيفيا من أجل الحفاظ على مكتسباته وعدم فقد حظوته لدى المدراء والشعور بالأمن الوظيفي.

بعد أن أوكلت إلي المهمة، أصبحت أعامله باستعلاء وآمره كثيرا بإسناد عدة مهمات تفوق قدراته بل وأدقق على إنتاجيته من باب التضييق عليه، حاولت تسوية الأمور العالقة بيننا بطريقتي متكئا على السلطة التي وفرها لي منصبي الجديد.

عند انتهاء المهمة بث شكواه للمدير العام والذي بدوره وبخني بعد أن شرح لي خطئي في التعامل مع هذا الموظف على الرغم من أقدميته في القسم، علمني أن من أهم أمور القيادة العناية بمن ترأس وأن تستوعب الاختلافات معهم جميعا وذلك بعدم تشخيص قراراتك مهما حدث من أحدهم، نصحني أيضا بالتقرب من الموظفين لأن المدير هو في حاجتهم وليس العكس كما يظن البعض، ذكرني بأنني إن أردت الترقي والصعود الوظيفي أفقيا، من المهم أن يكون هناك أناس يساعدونك ويساندونك ويكونون لك سواعد وأعضاد تؤازرك في مهامك، هذا الدرس أنار مساري الإداري وخصوصا أنه حدث في بدايتي كمسؤول إداري.

ثانيهما حدث لي عند انتقالي لتولي منصب قيادي في قسم جديد وفي بيئة عمل جديدة مختلفة عما ألفته، في الاجتماع الأول للفريق وبعد النقاش العام، اقترحت تغييرا في طريقة إعداد التقرير الأسبوعي مستندا إلى تجارب ناجحة سابقة مدعومة بأسبابي المهنية والخاصة والتي تصب في صالح القسم بشكل شمولي وكذلك الأفراد بشكل خصوصي، تفاجأت بعد الاجتماع من اعتراض المؤثرين في الفريق بشكل مباشر على الاقتراح قبل بدء التنفيذ بعد أن ذكروا لي أسبابهم والتي وضعت الأمر في إطار مغاير تماما لما كنت أربوا إليه.

تداركت الأمر وألغيت الفكرة نهائيا فما نجح مع غيرهم لم ينجح معهم!

تعلمت ألا أحاول تعديل شيء في بيئة عمل جديدة إلا بعد مرور بعض الوقت.

وكما صنف رائد الفضاء الأمريكي كريس هادفيلد في كتابه «دليل رائد فضاء للحياة على الأرض» الأشخاص المنظمين في أي بيئة جديدة إلى ثلاث حالات وهم: الأشخاص المسببين للمشاكل والذين يتركون انطباعات سلبية عن أنفسهم ويمثلون عبئا على بيئة العمل، وأناس لا يضيفون قيمة ولا يتركون تأثيرا سلبيا أو إيجابيا، والحالة الثالثة وهم الأشخاص الذين يريدون إثبات أنفسهم من اليوم الأول ويسعون للتميز والظهور مبكرا» وهؤلاء هم الأسوأ حسب وجهة نظره.

ما قمت به شخصيا في قصتي الآنفة الذكر هو أنني تقمصت هذه الشخصية مما أدى إلى نتائج عكسية وهذا غالبا ما يحدث في البدايات.

على أية حال، جميع من في المجتمع الوظيفي مسؤوليته كبيرة وعليه أن يثق في نفسه وبقدراته المهنية والقيادية ولا يخجل من التعلم من الأخطاء، لأننا جميعنا نرتكبها وتبقى معنا إلى الأبد ولكن هناك أخطاء نحتفظ بها لأنفسنا وأخرى نحتفي بها مع الآخرين، ولنا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم العبرة حيث قال (لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين).

msnabq@