برودة أعصاب!
الاثنين - 25 يوليو 2022
Mon - 25 Jul 2022
في ظهيرة يوم حار، وبأحد شوارع مدينة الرياض الحبيبة، وبينما كنا واقفين عند إشارة المرور نترقب اللون الأخضر ومشغولين بهمومنا ومشتتات أيامنا، إذ وقفت سيارة على المسار الأيمن منتظرة فتح الإشارة، وقد عطلت السيارات التي خلفها المتجهة نحو اليمين، وهم يحاولون تنبيه قائدها بالأبواق والمزامير دون جدوى حتى فقد أحدهم أعصابه وبدأ يسب ويلعن ويشير إليه بحركات الأصابع ونحوها، نظرت إلى قائد السيارة فوجدته مندمجا مع آيسكريم في يده اليسرى يلحسه بطريقة شهية لم أعهد مثلها في حياتي قط، ولم يبال بمن خلفه، فلست أدري أأغبطه على الآيسكريم أم على برودة أعصابه!
أي قدرة يملكها "بارد الأعصاب" حتى يجلط من حوله بتبلد إحساسه ولا مبالاته.. تجدونه في بيئات العمل والأقارب والجيران، هو يشبه "القاتل الصامت" لأنه يستفز من حوله ويحرق أعصابهم بـ "اللاشيء" ويجعلهم يلطمون الخدود ويشقون الجيوب، وكلما كان "بارد الأعصاب" أقرب إليك كان استفزازك منه أشد وأكبر.. علما أن حياة ذوي الأعصاب الباردة -عادة- تسير على ما يرام، ولا أعلم كيف يحدث ذلك، تأملوا حاله مثلا وهو "يتمختر" في ساحة المطار للتسوق أو شراء قهوة وقد تبقى دقائق على إغلاق "الكاونتر"، وفي النهاية لا تفوته الطائرة بل أحيانا يكون الفوات من نصيب الحريص "أكتر من اللازم".
وبعيدا عن الجانب السلبي في "بارد الأعصاب" الذي لن تستطيع التعامل معه إلا بالصبر والفضفضة للآخرين عنه، فإنه يعلمنا كيف نعمل بشعار "صحتنا أولا"، ومن ذا الذي يفيدك إذا ضاعت صحتك؟! وأي نعمة يملكها إنسان قادر على التأني وضبط أعصابه وموازنة مشاعره دون إفراط أو تفريط؟
قيل لحكيم: كيف تقاس قوة الإنسان؟ قال: بمدى قدرته على التجاهل والتغافل وضبط أعصابه.
قيل: ثم ماذا؟
قال: أن يكون لديه "فلوس" لأن الدراهم كالمراهم.
قيل: ثم ماذا؟
قال: أن يكون "معضلا"!
ثم بكى طويلا وقال: لم ينل أصحاب العضلات في هذا الزمان إلا التعب والحرمان والبروتينات. وسنابات ينشرون فيها صور عضلاتهم صباح مساء ولست أدري "وش يحسون فيه" عندما يصورونها.. ثم استطرد الحكيم أكثر وتشعب في الموضوع "وغير السالفة" وقال: وما تنفع العضلات في زمن التقنية المتسارعة وتغير موازين القوى؟ إن مراهقا صغيرا ذا خبرة الكترونية قادر أن يبطش بحسابات ثلة من أصحاب العضلات.
أقول -محاولة مني للعودة إلى الموضوع-: ربما فات الحكيم أن أصحاب القوة الجسدية ومثلهم لاعبو الكارتيه ونحوهم.. هم -عادة- أكثر الناس قدرة على ضبط أعصابهم، ولولا ذلك لما مر يوم إلا ورأيت حولك لكمة هنا ولطمة هناك وعينا مكدمة ورجلا مكسرة وركبة متطايرة، ولكن رحمة الله أن أعطاهم حلما وتؤدة ليتركوا لغيرهم الصوت العالي واللسان السليط.
تغافلوا يا قوم، لتدركوا خير الحياة وتسعة أعشار الحكمة، وتستمتعوا بطعم الآيسكريم.
أي قدرة يملكها "بارد الأعصاب" حتى يجلط من حوله بتبلد إحساسه ولا مبالاته.. تجدونه في بيئات العمل والأقارب والجيران، هو يشبه "القاتل الصامت" لأنه يستفز من حوله ويحرق أعصابهم بـ "اللاشيء" ويجعلهم يلطمون الخدود ويشقون الجيوب، وكلما كان "بارد الأعصاب" أقرب إليك كان استفزازك منه أشد وأكبر.. علما أن حياة ذوي الأعصاب الباردة -عادة- تسير على ما يرام، ولا أعلم كيف يحدث ذلك، تأملوا حاله مثلا وهو "يتمختر" في ساحة المطار للتسوق أو شراء قهوة وقد تبقى دقائق على إغلاق "الكاونتر"، وفي النهاية لا تفوته الطائرة بل أحيانا يكون الفوات من نصيب الحريص "أكتر من اللازم".
وبعيدا عن الجانب السلبي في "بارد الأعصاب" الذي لن تستطيع التعامل معه إلا بالصبر والفضفضة للآخرين عنه، فإنه يعلمنا كيف نعمل بشعار "صحتنا أولا"، ومن ذا الذي يفيدك إذا ضاعت صحتك؟! وأي نعمة يملكها إنسان قادر على التأني وضبط أعصابه وموازنة مشاعره دون إفراط أو تفريط؟
قيل لحكيم: كيف تقاس قوة الإنسان؟ قال: بمدى قدرته على التجاهل والتغافل وضبط أعصابه.
قيل: ثم ماذا؟
قال: أن يكون لديه "فلوس" لأن الدراهم كالمراهم.
قيل: ثم ماذا؟
قال: أن يكون "معضلا"!
ثم بكى طويلا وقال: لم ينل أصحاب العضلات في هذا الزمان إلا التعب والحرمان والبروتينات. وسنابات ينشرون فيها صور عضلاتهم صباح مساء ولست أدري "وش يحسون فيه" عندما يصورونها.. ثم استطرد الحكيم أكثر وتشعب في الموضوع "وغير السالفة" وقال: وما تنفع العضلات في زمن التقنية المتسارعة وتغير موازين القوى؟ إن مراهقا صغيرا ذا خبرة الكترونية قادر أن يبطش بحسابات ثلة من أصحاب العضلات.
أقول -محاولة مني للعودة إلى الموضوع-: ربما فات الحكيم أن أصحاب القوة الجسدية ومثلهم لاعبو الكارتيه ونحوهم.. هم -عادة- أكثر الناس قدرة على ضبط أعصابهم، ولولا ذلك لما مر يوم إلا ورأيت حولك لكمة هنا ولطمة هناك وعينا مكدمة ورجلا مكسرة وركبة متطايرة، ولكن رحمة الله أن أعطاهم حلما وتؤدة ليتركوا لغيرهم الصوت العالي واللسان السليط.
تغافلوا يا قوم، لتدركوا خير الحياة وتسعة أعشار الحكمة، وتستمتعوا بطعم الآيسكريم.