قرار أحمق وراء كارثة أوكرانيا

ميرشايمر: التاريخ سيحاسب بشدة أمريكا والحلفاء على سياستهم تجاه روسيا
ميرشايمر: التاريخ سيحاسب بشدة أمريكا والحلفاء على سياستهم تجاه روسيا

الاحد - 26 يونيو 2022

Sun - 26 Jun 2022








الحرب على أوكرانيا خلفت دمارا كبيرا                                 (مكة)
الحرب على أوكرانيا خلفت دمارا كبيرا (مكة)
وصف جيه ميرشايمر، الباحث وأستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو الحرب في أوكرانيا بأنها كارثة متعددة الأبعاد، من المرجح أن تزداد سوءا في المستقبل القريب.

وقال «إنه عندما تكلل أي حرب بالنجاح، لا يهتم أحد كثيرا بأسبابها، ولكن عندما تكون نتيجتها كارثية، يصبح فهم كيف حدثت أمرا مهما للغاية. ويود الجميع معرفة كيف تم الوصول إلى هذا الموقف المروع».

جاء ذلك في محاضرة ألقاها الأسبوع الماضي ميرشايمر في معهد الجامعة الأوروبية بفلورنسا بإيطاليا، تحدث فيها باستفاضة عن أسباب وتداعيات الحرب في أوكرانيا، ونشرتها مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية.

ويرى ميرشايمر أنه فيما يتعلق بالحرب الأوكرانيةتعتبر الولايات المتحدة مسؤولة أساسا في التسبب في هذه الأزمة. ولا يعني هذا إنكار أن بوتين بدأ الحرب وأنه مسؤول عن مسلك روسيا في الحرب. كما لا يعني هذ إنكار أن حلفاء أمريكا يتحملون بعض المسؤولية، لكنهم بدرجة كبيرة يحذون حذو واشنطن بالنسبة لأوكرانيا.

ويمكن القول «إن الولايات المتحدة دفعت بسياسات تجاه أوكرانيا يعتبرها بوتين وغيره من القادة الروس تهديدا وجوديا، وخاصة هوس أمريكا بضم أوكرانيا إلى الناتو وجعلها حصنا غربيا على الحدود الروسية.

ولم يكن لدى إدارة بايدن أي استعداد لإنهاء هذا التهديد بالطرق الدبلوماسية، وأعادت التزامها في عام 2021 بضم أوكرانيا إلى الناتو. ورد بوتين على ذلك بغزو أوكرانيا في 24 فبراير الماضي».

واتسم رد فعل إدارة بايدن على اندلاع الحرب بزيادة الضغط على روسيا. فواشنطن وحلفاؤها الغربيون ملتزمون بإصرار بهزيمة روسيا في أوكرانيا واستخدام العقوبات الشاملة لإضعاف القوة الروسية بدرجة كبيرة. والولايات المتحدة ليست مهتمة جديا بإيجاد حل دبلوماسي للحرب، وهو ما يعني أن الحرب يمكن أن تستمر شهورا إن لم يكن سنينا.

ولا شك أن أوكرانيا التي عانت بالفعل بصورة خطيرة، سوف تشهد المزيد من الأضرار خلال الحرب. وهناك خطر يتمثل في تصعيد الحرب، حيث من المرجح جر الناتو إلى القتال، ومن المحتمل استخدام الأسلحة النووية. ويمكن القول إننا نعيش أوقاتا محفوفة بالمخاطر.

ومن المحتمل أن تسفر الحرب عن تداعيات كارثية. وعلى سبيل المثال، هناك ما يدعو إلى الاعتقاد أن الحرب سوف تؤدي إلى أزمة غذاء عالمية، من شأنها أن تسفر عن وفاة ملايين كثيرة من البشر. وقال ديفيد مالباس رئيس البنك الدولي إنه إذا استمرت حرب أوكرانيا، سوف نواجه أزمة غذاء عالمية تعد كارثة إنسانية.

وبالإضافة إلى ذلك، فإنه قد حدث تسميم كبير للغاية للعلاقات بين روسيا والغرب، ستحتاج سنوات كثيرة لإصلاحها. وفي الوقت نفسه، سوف يؤجج هذا العداء الشديد عدم الاستقرار في أنحاء العالم، وخاصة في أوروبا. وقد يقول البعض إن هناك أمرا يعد إيجابيا: حيث إن العلاقات بين دول الغرب تحسنت بشكل ملحوظ بسبب حرب أوكرانيا.

ويمكن أن يكون هذا أمرا حقيقيا في الوقت الراهن، لكن هناك تصدعات عميقة تحت السطح. وعلى سبيل المثال، من المحتمل أن تتدهور العلاقات بين دول أوروبا الشرقية ودول أوروبا الغربية مع استمرار الحرب لأن مصالحهما ووجهات نظرهما بشأن الحرب ليست متماثلة.

ومن المؤكد أن الحرب تسببت بالفعل بإلحاق الضرر بالاقتصاد العالمي بشكل رئيس، ومن المحتمل أن يزداد هذا الوضع سوءا مع مرور الوقت.

وفي ختام محاضرته، قال ميرشايمر إن الحرب الجارية حاليا في أوكرانيا تعتبر بوضوح كارثة هائلة، ستؤدي إلى أن يبحث الكل في أنحاء العالم عن أسبابها. ومن يؤمنون بالحقائق والمنطق سيكتشفون بسرعة أن الولايات المتحدة وحلفاءها مسؤولون أساسا عن هذا الخراب.

والحقيقة المأساوية هي أنه لو لم يسع الغرب إلى توسيع الناتو ليشمل أوكرانيا، لما كان من المحتمل اندلاع حرب في أوكرانيا اليوم، وكانت شبه جزيرة القرم ستظل جزءا من أوكرانيا. لقد قامت الولايات المتحدة بالدور الرئيس لقيادة أوكرانيا إلى الدمار. وسوف يحاكم التاريخ الولايات المتحدة وحلفاءها بشدة على سياستهما الحمقاء بوضوح بالنسبة لأوكرانيا.