عائشة العتيبي

ماذا لو تعمقنا أكثر!

الخميس - 23 يونيو 2022

Thu - 23 Jun 2022

ماذا لو نجحنا وتحققت أمنياتنا وابتسمنا للحياة وشعرنا بالفرح والاطمئنان؟ ماذا لو رضينا بحكم القدر وأمسكنا بيد الصبر وشعرنا بأنها شدة ستنزاح؟ ماذا لو ‏نقتنع بأيام أتت ونتفاءل لأيام لم تأت بعد!

ولأننا نحب الحياة نتعلق في ملذاتها ونسعى بأن نكون الأفضل بها، لكن ننسى بأننا بشر نصاب بالمحن ونمرض بالجسد ونبرم النكران ونرضى بالحب ونخشى الخذلان ولا نستفيد من دروس ما سبق، لن نتعلم حين نسير على خطوط غير متساوية ولا يمكنها أن تلتقي في نقطة واحدة.

نختلف كثيرا عن الذي ليس لديه مبدأ أو مرجع حقيقي، ثم نقلق من انتزاع شغف الحياة بداخلنا ونحن من نملك دلائل واضحة وصريحة وقوانين إلهية، نغرق في الأوهام بقول نتحدث به أو فعل نشاهده بغيرنا ونحن من يملك كل الحقيقة، نصارع أمنياتنا بقوة دون مركبة آمنة ودون وجهة صحيحة ونريد الوصول مبكرا، من نحن يا ترى في هذه الحياة؟! هل نحن أطراف زائلة! أم نقاط تقع بالمنتصف؟ فالأطراف هي ما تقع في هوامش الخريطة حين نريد السير في اتجاهات متباعدة، وحدود أقصى الصفحة حين نريد الكتابة، لكن نحن أطراف لا تتشكل كما تريده الحقائق والوقائع منا؛ لذا نحن لسنا أطراف حديث يمكن تجاهله، ولا جزءا من صحيفة يمكن طيها‏ بل نحن بشر يجب أن نكون في منتصف الحياة ونرى لأبعد نقطة منا.

لن تكتمل جمالية الأحرف حين تكون صماء لا تتشكل بما ينبغي تشكيلها فكيف نخبر النور أنه نور حين يختفي من الكلمة حرف النون، وكيف نرى الشروق حين يسقط من الكلمة حرفي الشين والقاف، كيف نرى الضوء والحياة دون علامات واضحة ودون مجمل معان بل دون حب الحياة وجمالها وعبق ضوئها وشروق شمسها وصفاء سمائها وسواد ليلها ولمعة نجومها، لابد من وضع كل شيء في مكانه المناسب.. من كلمات وعبارات وصور وطبيعية وحقيقة وخيال.

لكي تزرع فكرة عليك أن تحصد نتاج هذه الفكرة بثمرة صالحة للمجتمع ولنفسك، وكي تقدم الخير عليك أن تعلم أنه عائد إليك ولمن فعل مثلما فعلته من خير، وحين تجبر بخاطر شخص ما سوف يجبرك الذي بين يديه السماء والأرض، كل ما هو مناسب سيكون مناسبا في المعتقد والشخصية والأسلوب والثقافة والاختلاف والاجتماع والعرف والشرع، كل علامة ودلالة تحدث في حياتك وتراها بنفسك أو بغيرك ما هي إلا شرعية تطبق بحذافيرها دون أن نعلم ما هو المردود العائد لنا، كنا نبتسم ولا نعلم ما سر تلك الابتسامة إلا حين تعلمنا من حديث أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- حين قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:»تبسمك في وجه أخيك لك صدقة». لم نعلم أن الخير متعدد وقائم وله أوجه كثيرة إلا حين شعرنا بعظم ديننا.

الدين كله خير بل هو مناسب لنا في المعتقدات والأفعال والأقوال والأحوال، فقال الرسول عليه السلام: «الدين النصيحة قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»، موجز لشرح ابن باز -رحمه الله- عن هذا الحديث؛ فقال: بأن النصيحة كما تقدم هي الإخلاص في الشيء والعناية به، والحرص على أن يؤدى كاملا تاما لا غش فيه ولا خيانة، فالنصيحة لله توحيده والإخلاص له وصرف العبادة له، يعني أن يعمل في غاية من الإخلاص لله.

لذا نحن مسيرون لأن نعمل كما نحب أن يعمله غيرنا لنا، بل نحرص على أن نكون أفضل مما يعطيه الآخرون لنا؛ فالإسلام هو أسلوب السماحة والسلام والحياة الحقيقية.

3ny_dh@