إبراهيم جلال فضلون

الخلع الهندي «مودي - بهاراتيا».. لا حياة لكم بيننا

الأربعاء - 15 يونيو 2022

Wed - 15 Jun 2022

بين هندوتفا واستراتيجيات حكومة ناريندرا مودي في التطهير العرقي ضد مسلمي الهند (أبناء شعبه)، علامات للعرقية العنصرية لرأس السلطة الفانية، فما إن تهدأ قوى الشحن الطائفي في الهند، وتعود أجواء السلم بين جنبات مجتمعها المدني، إلا وتجد المنتفعين من التطرف يعاودون إشعال نيران الطائفية وكأنها وقود لماكينة الصراع السياسي في دولة كان نجاح حكمها مرتبطا بالحفاظ على التوازن الدقيق بين طوائفها من الهندوس والمسلمين والحد من الخطاب الطائفي المتشدد أحد أهم مظاهر سياسات الاقتلاع والعنف الممارس ضد مسلمي الهند من خلال إشكالية رئيسة مفادها (لا حياة لكم بيننا) فما هي فرص مسلمي الهند في تطويق أزمة الهجمة الهندوسية الشرسة التي اشتدت أواخر العام 2019.

رغم أن التحامل على المسلمين عميق الجذور ولا مناصة من وحدة الصف لمسلمي العالم حول إخوانهم مسلمي الهند وغيرهم في الصين وميانمار وكل مكان، وضرورة الاستثمار في الأصوات الداعمة لقضيتهم مع (النضال الحقوقي) والتنسيق مع هيئات ومنظمات الحقوق لكبح جماح تلك النعرات الواهية في وأد المبادئ الهندية المقدسة التي جعلت الهند قبلة لا للتعايش وهروب عقولها وخيراتها من المسلمين.

ولطالما كان استخدام التطرف وخطاب الكراهية أحد أبرز أدوات الحزب الحاكم لكسب أصوات انتخابية، لطالما دمر الهند حضاريا واجتماعيا ليكون السبب الرئيس في تدمير جمال الفضاء الفريد للتعددية الثقافية في بلاد الهند، التي كانت امتدادا ثريا بينها وبين شبه الجزيرة العربية خصوصا، والعالمين العربي والإسلامي بشكل شمولي.

ولا ننسى الحادث المؤلم في تاريخ الهند الحديث الذي جرى في نهاية يناير 1958، حينما قتل الإرهابي ناثورام غودسي، أحد الأعضاء الفاعلين في «منظمة راشتريا سوايا مسيفاك» الهندوسية المتطرفة، والمنبع الأيديولوجي لـ «حزب بهاراتيا جاناتا» الحاكم الذي يقوده اليوم رئيس الوزراء ناريندرا مودي، ليقتل بتطرفه المشبع بالاحمرار الإرهابي هندوسيا آخر كان رمزا بل وأبا روحيا للهند الحديثة «المهاتما غاندي»، الذي كرر في لقاءاته المختلفة أمام المسلمين إيمانه بوصية مؤسس دولة المغول الإسلامية بالهند (ظهير الدين بابر)، لابنه الملك (جلال الدين أكبر)، بعدم الانسياق خلف أية انشقاقات وخلافات طائفية وعرقية بالبلاد، حفاظا على وحدتها وقد راح ضحيتها!! على يد أمثال اللا وطنيين الدمويين المنتفعين، وهم الآن بقيادة «مودي»، وتأجيج الصراعات الطائفية التي حولت الهند إلى مرجل للعنف والتخويف ضد المسلمين من قبل العصابات المتطرفة الهندوسية وصولا إلى قمة السلطة السياسية، وكأن الإصرار المستمر لعناصر الحزب الإرهابي الحاكم أن الهنود المسلمين ليس لهم الحق في العيش بوطنهم.

إن تاريخ «مودي» لسجل حافل من انتهاكات حقوق الإنسان ودموي سبقه تاريخه العنيف ضد مسلمي الهند، حينما كان رئيس وزراء ولاية كجرات في عام 2009 حينما صرخ في وجه المسلمين «إما باكستان أو قبرستان»، في خطاب عنصري لطردهم، كطرد مسلمي ولاية «آسام» الهندية إلى بنجلاديش، حيث يشير تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية في العالم إلى أن الهجمات على الأقلية المسلمة، بما في ذلك القتل والاعتداء والتخويف، استمرت في الهند خلال عام 2021، فيما دعت منظمة العفو الدولية في تقريرها الصادر أخيرا السلطات الهندية إلى ضمان عدم إفلات المتورطين في جرائم قتل المسلمين من العقاب لخطورتها باعتبارها جرائم كراهية، لتصبح حكومة «مودي» وحزبه انتكاسة للقيم التي حكمت الحياة السياسية الهندية خلال العقود الماضية، وتهدد أصداؤها المباشرة وغير المباشرة بمزيد من تفخيخ الحياة السياسية الهندية، التي كانت سببا لسفاهة المتحدثة الرسمية وآخرون في الآلة الإعلامية باسم حزب مودي الذي قتل أكثر من 100 شخص معظمهم مسلمون أو من طبقة (الداليت) التي يطلق عليها «المنبوذون» خلال مواجهات مع الشرطة.

إن الدولة المدنية هي سقف الهنود المشترك، وتلك رسالة أخيرة إلى المتطرفين الهندوس، لأن عواقب اللعب بالنار وخيمة، والفتنة مستعرة وقد خرجت عن السيطرة وفك عقالها لتحرق الهند ومودي، وعلى كل المسلمين التحرك الفوري لوأد التطرف الهندي، ونبذ كل أشكاله، والتوقف الفوري عن إثارة النعرات الطائفية واستغلال الدين لأغراض سياسية تهدد بتدمير قيم التعايش والسلام والنماء، ويكفينا الآن مقاطعة المنتجات الهندية.. فلا ولن يكفي أية اعتذارات منهم، لأنه رسول الله.. فهل تدرك الهند ذلك قبل خلعها الداخلي والخارجي؟