لبنانيات ضد مافيا الحكومة

كيميائية مرشحة بالانتخابات: كرامتنا دمرت بالكامل في انفجار بيروت ممثلو الأمم المتحدة يحملون السلطة مسؤولية الوضع المنهار
كيميائية مرشحة بالانتخابات: كرامتنا دمرت بالكامل في انفجار بيروت ممثلو الأمم المتحدة يحملون السلطة مسؤولية الوضع المنهار

السبت - 14 مايو 2022

Sat - 14 May 2022

قبل أقل من عامين شهد لبنان لحظات رعب لن ينساها أبدا، عندما هز انفجار مدمر العاصمة بيروت في 4 أغسطس 2020، مرت البلاد بمنعطف حاد. ليس فقط بسبب مقتل أكثر من 190 شخصا وإصابة 6000 آخرين، وليس فقط لأن موجة الضغط الناجمة عن الانفجار التي تشبه القنبلة الذرية دمرت ميناء بيروت ومركزها، بل لأنها دمرت أيضا آخر ثقة متبقية في القيادة السياسية لدى العديد من اللبنانيين، لقد أظهر الرابع من أغسطس مدى سوء حكومتنا واستهتارها وفسادها، حسبما قالت الأستاذة الجامعية نجاة عوني صليبة.

ينتخب لبنان اليوم، برلمانا جديدا للمرة الأولى منذ الانفجار... صليبة، الأستاذة الكيميائية المرموقة في الجامعة الأمريكية ببيروت، تترشح على قائمة معارضة في مجلس النواب، الذي يضم 128 مقعدا. لكن لماذا قررت صليبة اتخاذ هذه الخطوة غير العادية بالنسبة لعالمة؟

تجيب المرأة البالغة من العمر 60 عاما على الفور قائلة «بسبب الإحباط».

صليبة من بين عدد قليل من النساء اللواتي يرغبن في مواجهة النخبة اللبنانية التي يهيمن عليها الذكور في الانتخابات، تقول صليبة: «علينا أن نهزهم»، مضيفة «إن كرامة اللبنانيين دمرت بالكامل في انفجار بيروت»، وقالت «لا يمكنهم الاستمرار كما فعلوا منذ عقود».

ويمكن الشعور بيأس المواطنين في كل مكان في لبنان. لم تكن عواقب الانفجار سبب إنهاكهم فحسب. فالبلد يعاني من أسوأ أزمة اقتصادية ومالية في تاريخها منذ ما يقرب من ثلاث سنوات. الأرقام مدمرة، فقدت العملة أكثر من 90% من قيمتها. ووصل التضخم لأكثر من 200%. ويعيش أكثر من ثلاثة أرباع السكان في فقر.

بالنسبة لكثيرين أصبحت الحياة اليومية عذابا وصراعا من أجل البقاء، العديد من المنازل في لبنان لا تحصل على الكهرباء إلا لبضع ساعات في اليوم، هذا إن وجدت. يمكن أيضا أن تنقطع إمدادات المياه في أي وقت. تتراكم القمامة في الشوارع. والإنترنت ينقطع باستمرار. لبنان مثال لبلد ينهار ببطء.

حتى ممثلو الأمم المتحدة، الذين تمرسوا على الدبلوماسية، لا يخفون حقيقة أن النخبة المهيمنة على السلطة هي المسؤولة عن هذا الوضع في لبنان. فقد قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بشؤون الفقر المدقع وحقوق الإنسان، أوليفييه دي شوتر، «إن الأعمال المدمرة للقادة السياسيين ورجال الأعمال مسؤولة عن دفع غالبية السكان إلى الفقر، منتقدا الفساد المستشري في كل مكان». ولم يطلق صندوق النقد الدولي منذ شهور حزمة المساعدات الضرورية للغاية للبنان، لأن الحكومة فشلت في إجراء الإصلاحات.

السياسة في لبنان تحددها هياكل دولة تتسم بالضعف وتوازن قوى هش بين الطوائف. المسيحيون والسنة والشيعة يتقاسمون أهم المناصب، تتشابك السياسة والاقتصاد والقطاع المالي بشكل وثيق، بينما تتحدد مصائر البلاد على يد عدد صغير من العائلات الراسخة. تضمن هذه العائلات ولاء أتباعها عبر توزيع الأموال والخدمات والمناصب. تقول بولا يعقوبيان، وهي سياسية معارضة، «إن لبنان تديره مافيا».

وبسبب الوضع الكارثي يغادر العديد من اللبنانيين الأفضل تعليما البلاد بحثا عن مستقبلهم في مكان آخر، فكرت» فيرينا العميل» في ذلك أيضا. كان من الأسهل للشابة البالغة من العمر 26 عاما أن تذهب إلى أوروبا، حيث تعيش عائلتها في مدينة دوسلدورف الألمانية، وتحمل أيضا جواز سفر ألماني. ومع ذلك، قررت العميل مسارا مختلفا بصفتها أصغر مرشحة في البلاد تسعى للدخول إلى البرلمان، مثل صليبة، كممثلة للمعارضة.

بعد عدة أسابيع من الحملة الانتخابية، بدت الشابة متعبة ومنهكة. تقول العميل «إن من واجبها الآن إكمال الطريق، فقد أصابت الأزمة الشباب بشكل خاص. لكن لا تزال لدينا فرصة للنضال». تقول العميل «إن إرادة التغيير تدفعها حتى عندما كانت طالبة حقوق لأن تكون شخصا لا يمكنه الانسحاب من المعركة».

مجرد إلقاء نظرة على شوارع بيروت يظهر كيف تسير الحملة الانتخابية بينما تعلق القوى الراسخة ملصقات انتخابية بأموالها في كل مكان، يصعب رؤية ممثلي المعارضة. تقول العميل «إنه ليس لديها أي حزب أو موارد مالية تدعمها. ولا تستطيع العميل الظهور في البرامج الحوارية التلفزيونية المهمة لأنها ستضطر لأن تدفع ثمن الظهور بنفسها. ولا يختلف الحال بالنسبة للحملة الانتخابية لصليبة».