عبدالله قاسم العنزي

التزام العامل بعدم المنافسة.. رؤية قانونية

الاحد - 08 مايو 2022

Sun - 08 May 2022

إن من أهم خصائص عقد العمل أنه من العقود الرضائية التي يتم بمجرد تراضي الطرفين وقيام شخص بالعمل لصالح شخص آخر، وإن حرية دخول المواطنين إلى السوق والمنافسة فيه مشروع وفق ما نصت عليه المادة الـ28 من النظام الأساس للحكم بأن تيسر الدولة مجالات العمل لكل قادر عليه وهذه المشروعية تعد مصدر تهديد لأصحاب المنشآت خصوصا إذا كان المنافس (ابن المحل) استطاع من خلال الممارسة والتعامل مع العملاء حصد عدد أكبر من ولاء العملاء لشخصه مباشرة دون تأثير المنتج أو المنشأة على القناعات الشرائية للعملاء.

في مثل هذه الوقائع الحاصل وقوعها في سوق العمل نظم قانون العمل السعودي العلاقة بين العامل ورب العمل بأن إذا كان العمل المنوط بالعامل يسمح له بمعرفة عملاء صاحب العمل، جاز لصاحب العمل –حماية لمصالحه المشروعة– أن يشترط على العامل ألا يقوم بعد انتهاء العقد بمنافسته.

بمعنى أنه قد يرى صاحب العمل أن مجرد التعاقد مع العامل لا يوفر له الحماية الكافية مما يدفعه إلى إضافة شرط اتفاقي ضمن عقد العمل بمنع العامل من منافسته والعمل لدى الغير (المنافسين) أو من القيام بنشاط مماثل لنشاطه بعد انتهاء عقده بالقدر الضروري الذي يحمي مصالحه وهذا ما صرحت به نصا المادة الـ83 من نظام العمل مقيدة ذلك بثلاثة قيود يجب أن تكون محررة في عقد العمل نذكرها على النحو التالي:

أولا: من حيث الزمان، بأن يكون المنع محددا بمدة معينة ويجب ألا تزيد مدته على سنتين من تاريخ انتهاء العلاقة بين الطرفين ويوضح لنا ذلك بأنه لا يجوز أن يوضع شرط في عقد العمل على أن يكون منع المنافسة مؤبدا أو أكثر من سنتين تبدأ من تاريخ انتهاء العلاقة بين الطرفين.

ثانيا: من حيث المكان، بمعنى أن يكون الحظر قاصرا على منطقة جغرافية محددة مثل منطقة الرياض أو عدة مناطق؛ فيجوز لصاحب العمل تحديد المناطق التي لا يريد العامل الذي اكتسب خبرة من عمله وجمع عددا أكبر من العملاء أن يشترط عليه منع العمل بنشاط مماثل لنشاطه حتى وإن كانت تلك الأعمال اللوجستية كتمويل البضائع والمنتجات ونحوها.

ثالثا: من حيث تحديد نوع العمل، لأن منبع المنافسة يجب أن يكون قاصرا على ذات العمل أو النشاط الذي يمارسه صاحب العمل وما يرتبط به مما تتحقق معه مصلحة صاحب العمل المشروعة أما الأعمال التي لا تدخل في مهنة أو حرفة صاحب العمل فلا يؤدي قيام العامل بها إلى منافسة صاحب العمل.

بناء على ما ذكرناه من قيود شرط عدم المنافسة بين العامل ورب العمل يحسن بنا أن نتوقف مليا لتوضيح بعض المسائل منها أنه يلتزم العامل بالاتفاق على عدم المنافسة إذا انعقد الشرط صحيحا وفقا لما نصت عليه المادة الـ83 من نظام العمل ويترتب عليه التزام بالامتناع عن العمل المنافس، وإذا أخل العامل بالشرط المتفق عليه يحق لصاحب العمل المطالبة بالتعويض بحسب ما تقدره محكمة الموضوع، وللتنبيه أيضا في حالة إذا كان فسخ عقد العمل من قبل صاحب العمل دون أن يوجد سبب من العامل يبرر ذلك فلا يجوز لصاحب العمل التمسك بشرط عدم المنافسة ولا مطالبة العامل بالتعويض.

إضافة إلى أنه لا يجوز لصاحب العمل أن يوقع العامل بعد الاستقالة على ورقة يشترط فيها عدم المنافسة؛ لأن هذا السند يعد باطلا بقوة النظام ولتصريح نظام العمل على أن يكون شرط عدم المنافسة محررا ومحددا ضمن بنود عقد العمل ولا يصح أن يكون سندا لاحقا يدخل ضمن عقد العمل.

كذلك يجب أن تكون المنافسة متحققة وليس مجرد ادعاءات وهذه تقدرها محكمة الموضوع حالة طالب صاحب العمل السابق بالتعويض عن أضرار المنافسة المشروطة مسبقا في عقد العمل وقدم أدلته على ذلك مثل التعاقد مع وكلاء صاحب العمل أو العمل في شركات منافسة أو في صحف محلية أخرى أو مشفى طبي منافس ونحوها من البراهين التي نذكرها على سبيل المثال لا الحصر و تدل على وقوع ضرر بأسباب المنافسة.

وختاما: كل الوظائف والحرف والمهن التي تخضع لنظام العمل يجوز أن يوضع فيها شرط عدم المنافسة وفق القيود التي حددها النظام حتى وإن كان الموظف صحفيا أو ممارسا صحيا أو مهندسا أو غيرها من المهن الأخرى.

expert_55@