وليد الزامل

طريق سفر أم سباق للشاحنات؟!

السبت - 19 مارس 2022

Sat - 19 Mar 2022

تعد الطرق البرية أحد العوامل الهامة في تحقيق التنمية الإقليمية؛ فتكامل البنية التحتية في المدن بما فيها المطارات، والطرق البرية، والموانئ، والسكك الحديدية، وأماكن العمل يسهم في استقرار السكان وتقليل الهجرة السكانية إلى المدن الكبرى.

إن الطرق البرية تعزز من تحقيق الربط والتكامل بين المدن؛ وإلى جانب ذلك فهي إحدى الوسائل الرئيسة في تنمية الهجر والقرى الصغيرة التي تقع بمحاذاة أو قريبة من الطرق البرية.

كنت في زيارة الأسبوع الماضي لمدينة الدمام عبر الطريق البري الرياض - الدمام.

قبل الذهاب حزمت أمتعتي مع العائلة استعدادا للمغادرة؛ ونصحني أحد الأصدقاء بالذهاب نهارا، حيث الجو العليل والسماء المشرقة، قال لي صديقي: يعد هذا الطريق من أفضل الطرق البرية وأكثرها أمنا، وسوف تجد العديد من المحطات التي يمكنك التوقف بها للاستمتاع بوجبة الغداء أو احتساء كوب من القهوة.

قمت بالتخطيط للرحلة كعادتي كمخطط عمراني فجمعت معلومات حول مسافة الطريق، ونوعه، والسرعة المسموح بها، وعدد المحطات، وجودة الطريق.

في الواقع، لم تشكل هذه المعلومات أي أهمية كبيرة بالقدر المتعلق بسلوكيات القيادة وخاصة الشاحنات. كما فاتني الحصول على معلومات هامة مثل سرعة الرياح والعواصف الترابية؛ فالقيادة أثناء العواصف تختلف كليا عنها في الأجواء العادية.

توكلت على الله وغادرت صباحا ووجدت فعليا أن الطريق مزدوج ذو معبدين منفصلين بحاجز حديدي يمنع عكس السير أو مرور الجمال السائبة وهو ما يزيد من مستويات الأمان.

يحتوي الطريق على ثلاثة مسارات، يُخصص المسار الأيمن عرفا للشاحنات بينما تستخدم المسارات الأخرى للمركبات، جودة التعبيد متوسطة وتظهر بعض الحفر الصغيرة والتصدعات في أجزاء من الطريق نتيجة ثقل الشاحنات التي تمر على هذا الطريق يوميا، السرعة القصوى للطريق 120 كلم في الساعة وتصل إلى 140 كلم في الساعة في بعض الأجزاء؛ كما يحتوي الطريق على عدد كبير من كاميرات المراقبة والرصد.

في كثير من الأحيان، تهب على الطريق عواصف رملية وتبدو الحاجة ماسة إلى زراعة الأشجار لتثبيت التربة وتقليل شدة الرياح، يتضمن الطريق عددا كبيرا من محطات التوقف بمستويات متباينة ما بين الجيد، والمتوسط، والرديء، وتتوفر في هذه المحطات المطاعم والمقاهي والمساجد وخدمات الصيانة والتزود بالوقود.

أما دورات المياه فتحتاج إلى مزيد من العناية وكثير من رواد الطريق لا يفضلون استخدامها وخاصة النساء.

أكثر ما لفت نظري هو كمية الشاحنات التي تسلك هذا الطريق يوميا محملة ببضائع ثقيلة لا يحبذ نقلها في الطرق البرية المزدوجة مع المركبات مثل أسياخ الحديد، ومواد البناء، والخرسانة، والكيابل الضخمة، وشاحنات نقل السيارات.

قررت أن أسلك المسار الأوسط ولكني وجدت نفسي واقعا بين كماشتي الشاحنات جهة اليمين والمركبات المسرعة على المسار الأيسر، المشكلة أن هذه الشاحنات تنتقل بين الحين والآخر إلى المسار الأوسط بشكل فجائي لتجاوز شاحنات أخرى وكأنهم في سباق محموم مع الزمن، أصبحت حينها أمام خيارين إما أن أبقى في مساري الأوسط خلف هذه الشاحنة المتهورة أو أتجاوزها على المسار الأيسر.

في الحقيقة، بمجرد أن تفكر بالسير على المسار الأيسر فأنت أمام خطر من نوع آخر؛ فالمركبات على هذا المسار لا ترحم وتسير بسرعة غير معلومة ولن تتنازل أو تتحمل بقاءك في هذا المسار لأكثر من 5 ثوان؛ عندها سوف تواجه أشد أنواع الترهيب والتخويف للخروج سريعا من هذا المسار.

أخيرا، وصلت غايتي بعد عناء في تجربة لا أعتقد أني سوف أكررها لاحقا، والحمد لله على السلامة.

@waleed_zm