محمد علي الحسيني

المثلية الجنسية وموقف الأديان السماوية منها

الثلاثاء - 22 فبراير 2022

Tue - 22 Feb 2022

يشكل موضوع المثلية الجنسية جدلا كبيرا نتيجة تفشيه في بعض مجتمعاتنا وظهوره إلى العلن مؤخرا عبر شخصيات معروفة ما جعل الأمر يطرح تساؤلات عدة حول هذه الظاهرة من المنظور المجتمعي وموقف الأديان بين التشدد والتراخي، لذلك لابد من دراسته وتحليله وفق المعايير الإنسانية وموقف الأديان من ذلك.

موقف المجتمعات الإنسانية عبر التاريخ من المثلية الجنسية

من المؤكد أن المثلية الجنسية لم تكن في يوم من الأيام عبر العصور المختلفة ولدى الحضارات المتنوعة مقبولة، بل تم رفضها لما كانت تشكل تهديدا على النسل والعلاقات الصحية الطبيعية التي تكون كقاعدة عامة بين الرجل والمرأة، ولنأخذ مثالا عن ذلك ما صرح به عالم الاجتماع الفرنسي ميشيل فوكو في كتابه «تاريخ المثلية» الذي اصطلح عليه لأول مرة بهذا الاسم «مثلي الجنس» المرتبط بقصة الملكة فكتوريا التي أمرت رجال الطبقة الأرستقراطية بالتوقف عن ممارسة الجنس الذكوري، وطالبت الأطباء بتقديم دراسة دقيقة عن الظاهرة وسبل علاجها.إن هذا يعني أن هذه الممارسات لم تكن مقبولة مجتمعيا، بل إن القضاة قاموا في ذلك الوقت بتجريمها عملا بأوامر الملكة فكتوريا التي اعتبرت الظاهرة خرقا للنمط السائد ولم تتسامح مع مرتكبي هذا السلوك.

موقف الأديان السماوية من المثلية الجنسية

إن نظرة الأديان السماوية اليهودية - المسيحية - الإسلامية للمثلية الجنسية لم تكن نظرة سطحية أو نمطية نابعة عن آراء شخصية لعلماء الدين، بل هي نظرة واحدة للمحافظة على استمرار النسل والتكاثر الإنساني وفق القواعد الإنسانية الطبيعية، وهي تنأى بنفسها عن کل أمر لا يتفق مع الفطرة الإنسانية.

تعتبر ممارسة السلوكيات المثلية بين الذكور وفق الديانة اليهودية فاحشة كبيرة يجب الامتناع عنها، أما الكتاب المقدس فيدين المثلية الجنسية، ويعتبر سلوكها منافيا للطبيعة والفطرة البشرية، بل اعتبرها خطيئة وفاحشة وإهانة للأنثى، مليئة بالإثم والزنا، أما ممارسة النشاط الجنسي من نفس الجنس محرم بإجماع المسلمين، لورود عدة آيات في القرآن الكريم حول المثلية، فجاء في سورة الشعراء مثلا: «وتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ».

الطبيعة البشرية السليمة انطلقت من آدم وحواء

إن المثلية الجنسية برأينا ليست الأصل في التاريخ الإنساني الذي بدأ من آدم وحواء، بل هي الأمر المستحدث أو الطارئ، فالقاعدة الأساسية هي العلاقة والتزاوج بين الرجل والمرأة، حيث يقود إلى التناسل والتكاثر، أما الاعتراض على هذا من حيث إنه بإمكان مثليين أن يتبنيا طفلا ويشكلان أسرة، فإن هكذا أسرة ستكون مفتعلة ومصطنعة وبالتالي متعارضة مع الفطرة والسليقة الإنسانية السليمة، فالأسرة الطبيعية هي بالضرورة منشأ الحب والدفء العائلي والشعور بالأمان والطمأنينة الكاملة.

نحن لا نعتقد بإمكان تغيير الحكم وموقف الأديان السماوية بما فيها الإسلام واليهودية والمسيحية من حرمة المثلية الجنسية، والنقطة المهمة التي أود طرحها هنا، هي أن واقعنا مختلف تماما عن الواقع الغربي، فهناك الكثير من التباين من مختلف النواحي ولذلك يجب أن لا نستحب ما يحدث أو يتم إقراره في الغرب على مجتمعاتنا للحفاظ على النسيج المجتمعي.

@sayidelhusseini