سليمان محمد الشريف

عودة الأطفال وخطر الوباء

الاثنين - 17 يناير 2022

Mon - 17 Jan 2022

‏جاء قرار إعادة الدراسة حضوريا لطلاب وطالبات المرحلتين الابتدائية ورياض الأطفال في الوقت الذي كان ينتظر فيه الجميع عودة ‫التعليم عن بعد‬ لجميع طلاب وطالبات المراحل الدراسية الأخرى العامة والجامعية نظرا لتنامي حالات الإصابة بفيروس كورونا (كوفيد 19) وكسره الرقم القياسي المسجل قبل مرحلة انخفاض الحالات الأخيرة.

‏ولا شك أن هذا القرار من المفترض أن يكون قد مر بناء على نتائج لدراسات مسبقة مستوفاة انتهت إلى اتخاذه في هذه المرحلة الحساسية من عمر الفيروس العالمي الذي بلغ عامين إلا شهرين، بما يضمن سلامة الصغار.

‏وكان قرار عودة الدراسة حضوريا مع بداية هذا العام ما بين مد وجزر حتى صدر قرار عودة طلاب وطالبات المرحلتين المتوسطة والثانوية فقط ووفقا لضوابط الاحترازات الوقائية المعمول بها من وزارة الصحة، ولم تسلم أروقة المدارس من ظهور حالات وتم على ضوئها تعليق الدراسة لبعض الفصول الدراسية وإغلاق العديد من المدارس، ليأتي اليوم وبعد صدور القرار الأول بعدة أشهر لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة صدور قرار مفاجئ يقضي بعودة طلاب وطالبات المدارس الابتدائية ورياض الأطفال وسط ذهول الأمهات وأولياء أمورهم واستغرابهم من صدور القرار في هذا الوقت من ذروة الوباء العالمي الذي كان ولا زال حافلا بردود الأفعال العالمية عكسا على الأجواء غير الملائمة التي شهدها مسار الحياة البشرية وطبيعتها على مستوى الأرض قاطبة، وما آل إليه الاقتصاد العالمي من تراجع كبير، وما أسفرت عنه ضربات هذا الوباء من نتائج غير مسبوقة عطلت مصالح العالم وأوقفت حركات الملاحة في الجو والبر والبحر، وفرض حظر التجول وقيود على حياة الناس لم يحدث مثلها منذ بداية نهاية الحرب العالمية الثانية، ولم يفعل مرض أو تفعل حرب بالعالم ما فعله كورونا، وأدخل ذلك الخوف والهلع إلى قلوب الناس سيما أنه يؤدي إلى الوفاة، مما زاد من حجم الكارثة.

‏وفي ظل هذه التداعيات وما أسفرت عنه الإحصائيات الأخيرة لعدد الإصابات أثار قرار عودة الدراسة لصغار السن حضوريا الأهالي خوفا على أبنائهم من الإصابة بالفيروس التي تجاوز الـ5000 حالة محليا خلال الأيام الماضية، وهو مؤشر ارتفاع خطير قياسا بمرحلة ما بعد المؤشر السابق قبل انخفاض نسبة الإصابات المطمئنة، وهذا ما جعل الشارع يستغرب القرار في هذا الوقت.

‏وعمليا أتصور أن المرود التعليمي على الطلاب والطالبات حضوريا لن يجدي نفعا أكثر منه عن بعد، ولن يثمر فكريا، وكل الذي سيكتشفه طالب وتكتشفه طالبة الصفوف الأول والثاني والثالث هو لون الفصول، والتعرف على الزملاء والزميلات، ومعرفة ومطابقة وجوه المعلمين والمعلمات عن قرب.

‏ووسط معمعات هذا القرار يظل تشديد وتطبيق وتعزيز الإجراءات الاحترازية والوقائية من مديري ومديرات وقيادات المدارس الإدارية والمرشدين والمرشدات والمعلمين والمعلمات: خيار وحيد لحماية الطلاب والطالبات، ومتى ما حدث خطأ لا سمح الله فإن الوباء سيغرس بأنيابه ومخالبه في الأجساد النحيلة الضعيفة بلا رحمة.

‏حمى الله أبنائنا وفلذات أكبادنا من خطر هذا الوباء، سائلينه سبحانه أن ينتشل بلادنا من براثنه.

‏نقطة أخيرة: أكثر الناس بؤسا من منع خيرا يجر نفعا لأهله.

soliman_asharef@