نمر السحيمي

معاهد الدعوة الإخوانية.. التأسيس والمخرجات

الاثنين - 17 يناير 2022

Mon - 17 Jan 2022

الدعوة الإسلامية هي نشر الإسلام في قرونه الأولى بالفتوحات الإسلامية وقهر من يقفون أمام تبليغه للناس؛ ولا يعني ذلك إجبار أحد عليه، أما اليوم بعد أن انتشر المسلمون في الأرض فالدعوة الإسلامية تعني نشر الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن؛ ومن الحكمة أن ينتشر الإسلام بمخالطة الناس، ونفعهم وإظهار سماحة ووسطية الإسلام بأخلاق المسلمين.

ولقد قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - الإسلام للناس صافيا نقيا لا يحتاج إلى مناهج ولا طرق ولا تحديد وسائل بل كانت الحكمة تشمل ذلك كله بلا تعقيد ولا غموض.

ولم تكن جامعاتنا تعرف اسم علم الدعوة قبل منتصف التسعينيات الهجرية حتى بدأ اختراق منظومتنا التعليمية وتأسيس معاهد عليا متخصصة في علم الدعوة كان أساس التعليم فيها مقررات حديثة لمجموعة من الأخوان ومريديهم، ولم تكن تلك المقررات معتمدة من الهيئات العلمية في بلادنا بدعوى أن العلم حديث وغير معروف بعد لدى المتخصصين في العلوم الإنسانية.. ومن خلال هذه المعاهد التي تحولت بعد ذلك إلى كليات تم تدريس طلاب وطالبات المملكة كتب سيد قطب وحسن البنا وعدد كبير من كتب أتباعه، لتبدأ مسيرة الطالب والطالبة في هذه المعاهد والكليات وتنتهي دون فائدة إلا من عدة نتائج منها:

أولا: شتات المعلومة؛ كونه تخصصا مبنيا على نهج خاطئ، ولا يختلف اثنان على ضلال الإخوان في باب الدعوة إلى الله، لتقعيدهم هذا الباب بمناهج وطرق ووسائل معقّدة تهدف إلى مقاصد دنيوية؛ تتشعب بعيدا عن الاتّباع الذي أمر به الشارع الحكيم في هذا الباب؛ لأن الدعوة إلى الله هي وظيفة الأنبياء والرسل ولا يمكن أن تُؤدّى إلا باتباع النهج النبوي مثلها مثل العبادات الموقوفة في شريعة الإسلام.

ثانيا: رفض خريجي هذه المعاهد والكليات من مؤسسة التعليم، وحصول الجدل الواسع في توصيف مسمى شهاداتهم العلمية العليا؛ وهو جدل استمر سنوات؛ ما يؤكد أن هذه المعاهد والكليات كانت تغرد خارج سرب المنظومة التعليمية في بلادنا وأنها كانت نتيجة اجتهادات فضحتها مخرجاتها.

ثالثا: عدم الاستفادة من كل الأبحاث والدراسات العلمية الصادرة من تلك المعاهد والكليات وبقاء تلك الأبحاث والدراسات حبيسة الإدراج؛ مما يدلل على وجود هدر اقتصادي كبير في مؤسسات علمية لا فائدة منها ولا من مخرجاتها العلمية ولا تقدم للمجتمع والوطن أي إضافة، بل من الممكن أن يكون خروج تلك الأبحاث والدراسات ذا نتائج سلبية إذا كان فيها تقعيد لنهج يخالف نهج السلف الصالح في الدعوة إلى الله.

وختاما فإنه من النافع للصالح العام والمملكة اليوم تحارب الفساد بكل قوة للتفرغ لمشاريع وبرامج رؤيتها 2030 أقول إن من النافع للصالح العام أن تبحث هيئة مكافحة الفساد في سجلات تأسيس هذه المعاهد: من أسسها؟ وما الأسماء التي اختارها المؤسسون لإدارة هذه المعاهد؟

وما الأسماء التي قُبلت كمعيدين ومحاضرين فيها كقاعدة للتأسيس؟ وأين هي اليوم هذه الأسماء؟ ما هي المقررات المعتمدة في هذه المعاهد منذ تأسيسها؟ هذه التساؤلات التي تحتاج إلى بحث دقيق ستضع أيدينا على مواطن فساد خفي عانت بلادنا منه طويلا، وأجزم أن النتائج ستُغلق أبواب كثيرة من أبواب الهدر، وستفتح المجال لقيام مؤسسات علمية نافعة بإذن الله؛ بدلا من الاستمرار في قيام مؤسسات تأوي الكثير من المؤدلجين بالفكر الوافد الشاذ المخالف لنهج بلادنا وقادتنا وسلفنا الصالح.

alsuhaimi_ksa@