عبدالله محمد الشهراني

حوارات بين الملعب والديسكو

الأربعاء - 12 يناير 2022

Wed - 12 Jan 2022

هذا المقال هو الجزء الثالث من رواية مستوحاة من قصة حقيقية بعنوان «من مكة إلى كنتاكي». وصل أسعد إلى مكة المكرمة بعد غياب أنهى فيه دراسة اللغة الإنجليزية. وصل وقد كادت أمه أن تموت من الخوف عليه، «خلاص.. هذا أسعد بشحمه ولحمه»، قالها الأب مطمئنا والدة أسعد في أول لقاء بينها وبين ابنها بعد عام من الفراق، وهي التي ظلت ترى -ولعدة أيام- أسعد في المنام يلتف حول عنقه ثعبان أسود. قضى أسعد وكل المبتعثين قرابة الشهرين بين أهاليهم. تزوج عبدالرحمن وهو في عمر العشرين، وحضر أغلب زملائه في أمريكا الفرح الذي كان في (برزة) بجوار بيته.

«إيش رأيك نزوج أسعد سريع سريع، أعرف له بنت ما شاء الله قمر ولسه في الثانوية، زي صاحبه عبدالرحمن، يا شيخه اصبري، خليه سنة كمان ونشوف الوضع، خليه ينتبه لدراسته وهو بعدها يقرر، لأني خايفه عليه، لا مو وقته، مو يمكن كمان تكون هي التُعبان الأسود اللي رايح يخنق ولدك»، أحرز والد أسعد الضربة القاضية (وقفّل الموضوع أسرع من السريع).

عاد الشباب إلى أمريكا، واصطحب عبدالرحمن وبقية زملائه الذين تزوجوا في الإجازة زوجاتهم معهم، وانخرط الجميع في الدراسة. الشباب في أمريكا في ذلك الزمان كانوا بين أكثرية من العزّاب وأقلية متزوجة، وأغلبية تحب الرياضة وكرة القدم بالتحديد، ونسبة بسيطة تسهر إما على البلوت أو (تلفلف على الديسكوهات).

في أحد الأيام وفي ملعب الحي، جلس شاب يرتدي (جلابية/ثوب نوم) يشاهد المباراة دون مشاركة وغادر قبل نهايتها. أعاد نفس تصرفه طيلة أيام الأسبوع الأول. في إجازة نهاية الأسبوع كان يجلس في المطعم المجاور (للديسكو)، يراقب الشباب في دخولهم وينتظرهم عند خروجهم آخر الليل. بدأ الشك والقلق ينتابان الكل من ممارساته. في الأسبوع التالي، وبعد نهاية المباراة تعرف عليهم. «هلا أنا سالم، الشباب شالوه ونزلوه بعيونهم، مرحبا.. ببرود»، مراقبة سالم للشباب جعلتهم يتخوفون منه وينفرون. غادر الشباب دون أن يبدوا كثير اهتمام أو اكتراث بسالم. غضب الأخير وأمسك بيد أحد الشباب صارخا: «إيش هذا الاستقبال؟»، فما كانت ردة فعل ذلك الشاب إلا أن صفعه باليد الأخرى صارخا هو الآخر قائلا: «تحسبنا مو شايفنك وأنت كل يوم تراقبنا!!، إيش تبغى أنت؟، لا أنا ما كنت أراقبكم، كنت بحاول أتعرف عليكم». غادر الجميع الملعب.

عاد سالم في اليوم التالي (رغم الكف)، وانتظر إلى نهاية المباراة، واتجه إلى أسعد وعادل، «هلا أسعد هلا عادل، يا أبويا هذا يعرف أسماءنا، عادل يهمس في أذن أسعد»، سلّم عادل وانسحب تاركا أسعد مع سالم. «كيف الحال، أهلا سالم.. بخير.. أعتذر منك مضطر أروح البيت، ممكن أخاويك؟»، شعر أسعد بالحرج ورد قائلا: «الله يحييك»، وفي الطريق بادر أسعد سالم بسؤال «إيش تدرس في أمريكا يا سالم، لغة إنجليزية، لا أقصد بعد اللغة، هذه قصة بعدين أقول لك!!»، «بس أنا ودي أسألك يا أسعد، أنت ليش هنا، أدرس تخصص معين للشركة اللي أرسلتني، لا أقصد أنت ليش هنا موجود في الدنيا؟» يتبع...

المقال القادم.. حوار عميق.

ALSHAHRANI_1400@